مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 10″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 10″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء العاشر مع فضل العشر الأواخر من رمضان، فما يدرينا هل ندرك رمضان آخر، أم تسبق إلينا الآجال وتنقطع منا الأعمال، فلابد من هذه الوقفة للمحاسبة لتعرف أين أنت، وماذا استفدت من صيامك وقيامك، وهل تحقق مقصود الله فيك من فرض الصيام؟ وهل حققت أهدافك، وتيسرت لك أمنياتك ورغباتك، فغفرت ذنوبك، وتقبلت طاعاتك، واعتقت رقبتك من النار؟؟ ولقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم صائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، وذكر عليه الصلاة والسلام قائمين ليس لهم من قيامهم إلا طول السهر، ذاك أنهم لم يعرفوا من الصيام إلا الإمساك عن الطعام والشراب، ولم يدركوا مقاصد شهر رمضان، فإذا رأيت بعد هذه الوقفة أنك قد أحسنت فيما مضى فاحمد لله تعالى على فضله واشكر الله على نعمة التوفيق بالاستقامة والاستزادة.

 

وإن كانت الأخرى فرأيت تقصيرا أو تفريطا، فاعلم أنه ما زال فيما بقى من رمضان مستعتب، وأن الفضل المخزون في هذه العشر يحيل القنوط ويمنع اليأس ويبعث على الأمل والعمل، عسى أن يكون آخر الشهر خيرا لك من أوله، وقال بعض العلماء العبد الموفق من أدرك أن حسن النهاية يطمس تقصير البداية، وما يدريك لعل بركة عملك في رمضان مخبأة فى آخره، فإنما الأعمال بالخواتيم، ولنعلم أن فى العشر الأواخر ليلة القدر، ومن رحمة الله تعالى أن خبأها فى هذه العشر، وجعلها أرجى وجودا في ليالي الوتر منها حتى نكثر من التعبد، وهي ليلة العمر، فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “شهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم” رواه أحمد والنسائى، ثم أخبر أنها فى العشر الأواخر فقال “تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان” متفق عليه، وعند البخارى ” فى الوتر من العشر الأواخر” ولك أن تتخيل أن عبدا قام لله تعالى ليلة واحدة كانت له كعبادة ألف شهر، أو ما يعادل ثلاثة وثمانين سنة، أى فضل هذا وأى نعمة تلك؟ فمن حرم خيرها فهو المحروم، ومن أعرض عنها فهو المغبون، وقد خاب وخسر من أدرك هذا الفضل ولم يغفر له، واعلم أن ما يدعو به المؤمن ربه فى هذه الليالى هو ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، حين سألته فقالت “أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال صلى الله عليه وسلم قولى ” اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى”

 

ويقول الله تبارك وتعالى فى سورة القصص” وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيَرة” وقد اختار سبحانه وتعالى العشر الأواخر من شهر من رمضان، من بين سائر أيام الشهر، وخصّها بمزيد من الفضل وعظيم الأجر، فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره” رواه مسلم، وكان يحيى فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدّ وشد المئزر” رواه مسلم، فكان يوقظ أهله فى هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هى جديرة به من العبادة، وقال ابن رجب.

 

“ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقى من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه” وشد المئزر هو كناية عن ترك الجماع واعتزال النساء، والجد والاجتهاد في العبادة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض، ففى الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها “أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده، وما ذلك إلا تفرغا للعبادة، وقطعا للشواغل والصوارف، وتحريا لليلة القدر، هذه الليلة الشريفة المباركة، التي جعل الله العمل فيها خيرا من العمل في ألف شهر، فقال سبحانه “ليلة القدر خير من ألف شهر” فإن فى هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والسعداء والأشقياء، والآجال والأرزاق، وقال تعالى “فيها يفرق كل أمر حكيم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى