مقال

الدكروري يكتب عن الإمام السعدي ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام السعدي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام السعدي هو عبد الرحمن بن ناصر السعدي الناصري التميمي، وهو الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر السعدي الناصري التميمي ويعرف اختصارا ابن سعدي، ولد في بلدة عنيزة في القصيم بالسعودية في يوم الثاني عشر من شهر المحرم عام ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية، وتوفيت أمه وله من العمر أربع سنوات وتوفي والده وهو في السابعة من عمرة، فتربى يتيما ولكنه نشأ نشأة حسنة، وكان قد استرعى الأنظار منذ حداثة سنه بذكائه ورغبته الشديدة في التعلم، وهو مصنف وكاتب كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، وكان والده رجلا عالما فقد عمل إماما في مسجد المسوكف وبعد وفاته عطفت زوجة والده عليه وقد اعتنت به مثلما اعتنت بأولادها وعندما بلغ مرحلة الشباب قام أخوه الأكبر بالإعتناء به وقد حرص علي مناداته بإسم الوالد.

 

وبدأ قراءة القرأن بعد وفاة والده ثم أتم حفظه كاملا ببلوغة الحادية عشر من عمره كما حرص علي استقاء العلم من علماء الدين المشهورين في بلده والقادمين إليها فقد كان مجتهدا وحريصا علي الإطلاع علي كافة فنون العلم، وعند بلوغه الثالثة والعشرين من عمره أصبح متعمقا أكثر في العلوم العقائدية مما فتح المجال أمامه لتعليم غيره، وقرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب، وأتقنه وعمره أحد عشر سنة، ثم اشتغل في التعلم على علماء بلده وعلى من قدم بلده من العلماء، فاجتهد وجد حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم، ولما بلغ من العمر ثلاثا وعشرين عام جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم، ويقضي جميع أوقاته في ذلك حتى أنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعا إليه، ومعول جميع الطلبة في التعلم، وتزوج الشيخ السعدي من السيدة حصة العبد العزيز السعدي.

 

وكان ذلك في عام ألف وثلاثمائة وثلاثين من الهجرة، وتوفيت في مدينة الخبر في الخامس والعشرين من شهر شوال من عام ألف وثلاثمائة وواحد وتسعين من الهجرة، وله من الأبناء والبنات، عبد الله، وأحمد، ومحمد، وله من البنات ابنته لولوة وهي زوجة صالح عبد الله الشبل، وابنته نورة وهي زوجة عبد الله السليمان السعدي، وكان على جانب كبير من الأخلاق متواضعا للجميع، ويقضي بعض وقته في الاجتماع بمن يرغب حضوره فيكون مجلسهم ناديا علميا، وكان السعدي يحرص أن يحتوي المجلس على البحوث العلمية والاجتماعية ويحصل لأهل المجلس فوائد عظمى من هذه البحوث النافعة التي يشغل وقتهم فيها، فتنقلب مجالسهم العادية إلى مجالس علم وعبادة، وكثيرا ما يحل المشاكل بإرضاء الطرفين في الصلح العادل، وكان ذا شفقة على الفقراء والمساكين والغرباء.

 

 

مادا يد المساعدة لهم بحسب قدرته ويستعطف لهم المحسنين ممن يعرف عنهم حب الخير في المناسبات، وكان على جانب كبير من الأدب والعفة والنزاهة والحزم في كل أعماله، ووصف بأنه من أحسن الناس تعليماً وأبلغهم تفهيما، مرتبا لأوقات التعليم، ويعمل المناظرات بين تلاميذه المحصلين لشحذ أفكارهم، ويجعل الهدية لمن يحفظ بعض المتون، ويتشاور مع تلاميذهِ في اختيار الأنفع من كتب الدراسة، ويرجح ما عليه رغبة أكثرهم ومع التساوي يكون هو الحكم، ولا يمل التلاميذ من طول وقت الدراسة إذا طال لأنهم يتلذذون من مجالسته، ولذا حصل له من التلاميذ المحصلين عدد كثير، وتميز السعدي بمعرفته التامة في الفقه أصوله وفروعه، وكان في أول أمره متمسكا بالمذهب الحنبلي تبعا لمشايخه وحفظ بعض المتون من ذلك، وكان له مصنف في أول أمره في الفقه نظم رجز نحو أربعمائة بيت وشرحه شرحا مختصرا.

 

ولكنه لم يرغب بظهوره لأنه على ما يعتقده أولا، وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحصل له خير كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد والتفسير والفقه وغيرها من العلوم النافعة، وبسبب استنارته بكتب الشيخين صار لا يتقيد بالمذهب الحنبلي، بل يرجح ما ترجح عنده بالدليل الشرعي، وله اليد الطولى في التفسير إذ قرأ عدة تفاسير وبرع فيها وألف كتابا في التفسير في عدة مجلدات فسره بالبديهة من غير أن يكون عنده وقت التصنيف كتاب تفسير ولا غيره، ودائما يقرأ والتلاميذ في القرآن الكريم ويفسره ارتجالا، ويستطرد ويبين من معاني القرآن وفوائده ويستنبط منه الفوائد والمعاني حتى أن سامعه يود أن لا يسكت لفصاحته وجزالة لفظه وتوسعه في سياق الأدلة والقصص ومن اجتمع به وقرأ عليه وبحث معه عرف مكانته في المعلومات كذلك من قرأ مصنفاته وفتاويه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى