مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن هبيرة ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن هبيرة ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام إبن هبيرة هو العالم الوزير الكامل الإمام العادل عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم الشيباني الدوسي العراقي الحنبلي، صاحب المصنفات وهو أحد الوزراء المشهورين، وهو أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني نسبا ثم الدوري البغدادي الحنبلي، فإنهم نماذج مضيئة تبيّن أثر الإسلام ومبادئه وتعاليمه في أبنائه الذين التزموا به، وحكموه في كل أعمالهم، وجسدوه في كل تصرفاتهم، فأشرقت الدنيا بهم، وتحقق العدل على أيديهم، وكان الأمن والأمان في رحابهم، وتركوا من بعدهم العمل الصالح، والعلم النافع، فهم قدوة للشباب للمسلم أن يمضي على دربهم، ويأخذ بأسبابهم، فيكون خير خلف لأعظم سلف، ومن هؤلاء الأعلام هو الإمام ابن هُبيرة، وهذا الإمام عربي شيباني كان مولده بقرية بني أوقر من الدور إحد بلدان العراق.

 

ولذلك يقال في نسبه الدوري، ودخل بغداد في صباه، وطلب العلم، وقرأ القرآن بالراوية على جماعة، وسمع الحديث من جماعة، منهم القاضي أبو الحسين بن الفراء، وابن الزاغوني، وعبد الوهاب الأنماطي، وغيرهم، وقرأ القرآن بالقراءات السبع وشارك في علوم الإسلام، ومهر في اللغة، وكان يعرف مذهب الإمام أحمد، والعربية، والعروض، وولد الإمام إبن هبيرة سنة ربعمائة وتسع وتسعين من الهجرة، وابن هبيرة عالم عامل بعلمه، وتولى الوزارة فلم تشغله عن طلب العلم والتأليف والتدريس، فهو قدوة لكل من اشتغل بمنصب أو اعتلى كرسيا في الدولة، فإبن هبيرة تاريخ حافل بالآراء السديدة، والاستنباطات العجيبة من الكتاب والسنة، كما بلغ درجة عظيمة من الإحسان لمن أساء إليه أو ظلمه، وعقيدته سلفية، وكان له كلام عجيب حيث قال والله لا نترك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الرافضة.

 

بل نحن أحق به منهم، ولا نترك الشافعي مع الأشعرية بل نحن أحق بالشافعي منهم، وقيل أنه مات ابن هبيرة مسموما، وجنازته خرج فيها ما لم يري في جنازة غيره في عصره كما قال ابن الجوزي، ويقول الذهبي عنه كما في السير كان سلفيا أثريا وهذه صفة مهمة للعلماء، ومعني سلفيا أي يتبع السلف في المعتقد، ومعني أثريا، أي يعتمد الأثر والحديث والدليل في أقواله الفكرية وغيرها وقرأ الفقه على أبي بكر الدينوري ، وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي، وصحب أبا عبد الله محمد بن يحيى الزبيدي الواعظ الزاهد من حداثته، وأخذ عنه التأله والعبادة، وانتفع بصحبته حتى إن الزبيدي كان يركب جملا ويعتم بإزار ويلويها تحت حنكه وعليه جبة وهو مخضوب بالحناء، فيطوف بأسواق بغداد ويعظ الناس، وزمام جمله بيد أبي المظفر ابن هبيرة، فكان ابن هبيرة يمسك بجمل هذا الواعظ يمشي به وهو يطوف على الناس يعظهم.

 

وكلما وصل الزبيدي موضعا، أشار أبو المظفر بمسبحته ونادى برفيع صوته “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير” وهذا الذكر يقال عند دخول السوق، وكان متشددا في اتباع السنة وسيرة السلف الصالح، ولما طلب العلم حصل أنه أمضه الفقر، وأعيته الحاجة، واحتاج إلى مورد للكسب، فتعرض للكتابة فصار كاتبا، كما حصل على وظيفة كاتب وتقدم وترقى في الكتابة لدى الخليفة، وصار على مشارف الخزانة، ثم ولي ديوان الزمام، أي ديوان يعتنى بالشئون المالية المدنية والعسكرية، وفيه تحفظ السجلات، وهو من التراتيب الإدارية في الدولة الإسلامية في ذلك الوقت، فلوحظ عليه الأمانة وجودة العمل وإتقانه، فكان قويا أميناً، فتولى ديوان الزمام للخليفة المقتفي لأمر الله، وفي سنة خمسمائة وأربع وأربعون من الهجرة.

 

قام الخليفة المقتفي لأمر الله بتعيينه وزيرا، واستمر في الوزارة لابنه المستنجد بالله بعد الخليفة المقتفي، وكان ديِّنا، خيِّرا، متعبدا، عاقلا، وقورا، متواضعا، بارا بالعلماء، مكبا، وذلك مع أعباء الوزارة على العلم وتدوينه، كبير الشأن، وكان حسنة الزمان في ذلك الوقت، وكان من مؤلفات ابن هبيرة، أنه شرح الوزير ابن هبيرة الصحيحين، وسماه الإفصاح عن معاني الصحاح، في عشرة مجلدات كما يقول الذهبي، ولما وصل إلى حديث ” من يرد الله به خيرا، يفقهه في الدين” شرح الحديث، وتكلم على معاني الفقه، وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، فكان هذا كتاب فقه فيه أقوال العلماء في المسائل المختلفة الفقهية داخل ضمن شرحه لصحيح البخاري وصحيح مسلم ولكن الناس أفردوه عن الكتاب الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى