مقال

الدكروري يكتب عن التنافس المشروع والغير مشروع ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التنافس المشروع والغير مشروع ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع التنافس المشروع والغير مشروع، اقرأ معي تلك الآية التي لا نظير لها ولا قبيل، يقول فيها ربك سبحانه وتعالى ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” وروى البخارى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الخيل لثلاثة، لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طيلها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أوشرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقَى به كان ذلك حسنات له، وهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فخرا ورئاء ونواء، فهي على ذلك وزر”

 

ورُوى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنها تصدقت بعنبة، وقالت “كم فيها من مثقال ذرة؟” وكان المسلمون يرون أنهم لا يُؤجرون على الشيء القليل الذى أعطوه، فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجوزة ونحو ذلك، فيردونه ويقولون ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير، الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، ويقولون إنما وعد الله النار على الكبائر، فرغبهم في القليل من الخير أن يعملوه، فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر، فإنه يوشك أن يكثر، فنزلت”فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره” يعني وزن أصغر النمل خيرا يره ويعني في كتابه، ويسره ذلك” فإن فعل الخيرات مردود على فاعله، فهنيئا له، تذكر دائما أنك إن فعلت الخير فإنما هو في ميزان أعمالك أنت لا أحد غيرك.

 

فقال تعالى ” من عمل صالحا فلنفسه” أنظروا، لنفسه، أنت الكاسب الوحيد، لنفسك، وهل هناك من هو أعز عندك وعليك من نفسك؟ وسوف ترى ذلك، وسوف تشاهد هذه الخيرات التي عملتها في دنياك، نعم، سوف تشاهدها هناك في الآخرة مكتوبة، ومكتوب لك أجرها، فقال تعالى ” ليروا أعمالهم” وسوف تشهد لك هذه الأرض، سوف تشهد لك الطرقات والمساجد والأمكنة والبيوت والأسواق بأنك عملت ذلك الخير وهذه الخيرات، فقال تعالى ” يومئذ تحدث أخبارها” أى تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية” يومئذ تحدث أخبارها” قال “أتدرون ما أخبارها؟” قالوا الله ورسوله أعلم، قال “فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها”

 

فدعونا نفتح صفحات من الخير ونستروح نفحة من نفحات ربنا الكريم، وبركة من بركات ربنا الرحيم، وعطية من عطايا نبينا الرحيم صلى الله عليه وسلم، فأنت تستطيع أن تؤجر حتى لو عجزت وضعفت عن فعل الخير وضاقت عليك سبله، فما أعظمه من كرم إلهي وما أرحمه من هدى نبوى حينما تقف عاجزا عن فعل الخير فتظن الأجر فُقد من دربك، فإذا برسولك صلى الله عليه وسلم يبشرك ويدلك ويجعل الأمل بين يديك، فيقول لك كفّ شرّك عن الناس فقط، أبعد أذاك عنهم لا غير، يكن ذلك من فعل الخير، يكن ذلك صدقة، يكن ذلك أجرا، يكن ذلك حسنات تكتب لك، لنفسك، فادفع الدّين الذي عليك، لا بالمال وحده بل بفعل الخيرات، ومَن يستطيع أن يدفع كل يوم مقابل نعمة مفاصل جسمه، صدقات مالية بعددها البالغ ثلاثمائة وستين مفصلا؟ ولكن رحمات الله وبركاته وكرمه على عباده.

 

جعلت فعل الخيرات هو من الصدقات، وجعل صلاة ركعتي الضحى تعدل هذا المطلوب الكبير من الصدقات، وسدادا للدين الواقع عليك في صبيحة كل يوم، وما سداد هذا الدين إلا من فعل الخيرات الذي تؤجر عليه، فافعلوا الخير مهما دق في أعينكم، ومهما قل أو صغر عندكم، فإنه عند الكريم سبحانه وتعالى مضاعف كبير، يجزيك ربك بأحسن منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق” وقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا نساء المسلمات لا تحقرن جاره لجارتها ولو فرسن شاة” فإياك ثم إياك أن يُلبّس عليك الشيطان، وأن تلبس عليك نفسك الأمارة بأن هذا العمل صغير وهذا الخير قليل لا داعي لعمله، لأنه لا أجر كبيرا عليه، بل افعل الخير مهما قلّ، وإننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى