غير مصنف

الدكروري يكتب عن الصانع المتقن ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الصانع المتقن ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ويقول تعالي في سورة النبأ “ألم نجعل الأرض مهادا” فإنه يوجد أماكن بالقطر اسمها وعر واللجاة في الجنوب والشرق كلها صخر فلو أن الأرض كلها هكذا نموت من الجوع، فالله عز وجل لحكمة بالغة ترك بعض الأماكن صخرية فربنا عز وجل قال ” وخلقناكم أزواجا” أي ذكرا وأنثى فلو أن الله خلق كل الناس ذكورا أول شيء هل نبقى نحن موجودين؟ لا نجد أنفسنا إذ لا وجود لنا فينتهي النوع البشري، جهاز التناسل يسمونه جهاز حفظ بقاء النوع فلولا التزاوج لما بقي الإنسان حيث قال تعالى ” وخلقناكم أزواجا” بل لو جعل المرأة غير محببة، فالله عز وجل جعل هذا الميل الطبيعي، فقال الله تعالي في سورة آل عمران ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب”

 

فإنه لولا هذا الميل الطبيعي لما تزوج أحد ولأصبح الزواج عبئا، ولولا هذا الشيء الذي جعله الله في قلب الرجل ولولا هذا الميل الطبيعي الذي وضعه الله في قلب الرجل ما تزوج إنسان، كما قال الله تعالي في سورة النبأ ” ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا” فمن الذي جعل النوم؟ فيقول لك إذا تعبت اشتغلت طيلة اليوم، نمت ساعات فاستيقظت مثل الحصان صحيح، هذه الأعصاب وهذه الخلية العصبية عبارة عن نواة واستطالة تتصل باستطالة أخرى وهكذا، فالخلايا العصبية عند النوم تتباعد فالسيالة العصبية الكهربائية إذا سارت تجد الطريق مقطوعا وهذا هو النوم، فالله جعل ترتيبا رائعا جدا، أما لو كان المنبه قويا جدا إذا واجه إنسان ساقية لا يمكنه قطعها، أما لو يتبعه عدو يريد النجاة منه يقطعها بسبب الخوف الشديد، هذا الصوت إن كان مزعجا جدا.

 

 

عندئذ هذه السيالة تقفز من خلية لأخرى فيصحو الإنسان، يستيقظ الإنسان على الصوت القوي ولو أنه قد نام الآن، اليقظة هي عملية اقتراب هذه الأعصاب وتباعدها النوم، بل أنظر إلي راسك وكم فيها من آيات على قدرة رب الأرض والسماوات، فإن هذا الدماغ، إتقانه إلى أقصى الحدود أي أربعة عشر مليار خلية سمراء للمحاكمة والتخيّل والتصور والذاكرة ومركز للسمع وآخر للبصر وثالث للحركة ورابع للتوازن عالم قائم بذاته، وهناك عمى يصيب دماغ الإنسان والعين سليمة مائة في المائة، لكن مركز الرؤية في الدماغ يتعطل، أربعة عشر مليار خلية سمراء في الدماغ تستند إلى مئة وأربعين مليار خلية استنادية لم تعرف وظيفتها حتى الآن، والشيء المدهش أن خلايا الدماغ بل أن الخلايا القشرية في الدماغ مستعصية على مرض السرطان لم يسجل الطب حتى الآن حالة ورم خبيث في هذه المنطقة.

 

لأن هذه المنطقة منطقة المحاكمة والتفكر، فالله سبحانه وتعالى كرّمها وشرّفها وحصّنها، وهذا الدماغ حساس إلى درجة قصوى لابد من أن يُحاط بسائل، وهذا السائل يقيه الصدمات، فأية صدمة تصيبه توزع على مُجمل مساحته، من جعل هذا الترتيب؟ ومن جعل هذه الرقبة تدور مائة وسبعين درجة؟ ومن جعل هذا الدماغ في هذه الحجرة المحصنة؟ ومن جعل هذه الحجرة ذات مفاصل مكسّرة ثابتة؟ لو أن هناك صدمة عنيفة أصابت الدماغ فهناك مجال لتداخل هذه السطوح أقل من ميلي واحد، وهذا المجال يمتص الصدمة، فقال تعالى ” صنع الله الذي أتقن كل شيء” وأن الله تعالى حثنا على الإتقان فقال عز وجل ” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” وهذا الإحسان، هو الإتقان والإحكام، وهذه القضية وهي تجويد شيء وإحسانه وإتقانه من المطالب الشرعية العظيمة في ديننا، والمتأمل في التكاليف والفرائض والأوامر.

 

 

يجدها مبنية على أساس محمك ألا وهو الإتقان الذي هو سمة أهل الإيمان، وإذا عمل أي عمل من الأعمال أتقن ذلك العمل، ولا من أجل أن يأخذ الجزاء من الناس، ليس من أجل أن يترقى، ولكن ابتغاء مرضات الله سبحانه وتعالى، فإنه أي عمل، لأن النكرة عملا في هذا السياق سياق الشرط تفيد العموم، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يحب من سلوك المؤمن الإتقان، والإتقان في كل شيء في الأعمال والأقوال، فإن هناك إتقان في العبادات فالناظر في العبادات التي أمرنا بها يجد أن أساسها الإتقان والله سبحانه لا يقبل عملا لم يتقنه صاحبة، فهناك إتقان الوضوء، وإتقانه يكون بإسباغه أما من لا يكمل الوضوء ويترك جزء من الأعضاء فهذا لم يتقن الوضوء وهو متوعد بالويل والثبور، وإتقان الصلاة بالخشوع وإتقانها يكون بإتمام أركانها والاطمئنان فيها والإتيان بالخشوع فيها وقد مدح الله تعالى أهل الإتقان في الصلاة،فقال سبحانه وتعالي ” قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى