مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الماسرجسي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الماسرجسي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام الماسرجسي هو أبو الحسن محمد بن علي بن سهل بن مفلح الماسرجسي، وهو من أئمة الشافعية وأحد أصحاب الوجوه المجتهدين، وولد الإمام الماسرجسي عام مائتان وثماني وتسعين من الهجرة، وتفقه على أبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر، ولزمه حتى دفنه، ثم انصرف إلى بغداد، وكما تفقه عليه أبو الطيب الطبري، وهو شيخ الشيرازي، والنونقاني أبو بكر الطوسي، وأبو سعد الخركوشي وغيرهم، وكان من أعلم الناس بالمذهب وفروع المسائل وكان خليفة القاضي أبي علي بن أبي هريرة في مجالسه، فكان له المجلس بعد قيام القاضي أبي علي منه، وقد ورد ذكره في كتاب المهذب والروضة وغيرهما، وانصرف الماسرجسي إلى خراسان سنة ثلاثمائة وأربع وأربعين فقام بالتدريس والإفتاء، وتوفي عشية يوم الأربعاء السادس من شهر جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة وأربع وثمانين من الهجرة، وله من العمر ست وثمانون سنة.

 

وكما كان هناك الماسرجسي وهو الحافظ الكبير الثبت الجوال الإمام أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري ، وجده هو سبط الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك، وأبوه هو أبو أحمد ، من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي وقد حدث بكتاب جلود السباع، في خمسة أجزاء، تأليف الإمام مسلم عنه وهو كتاب نفيس، وتوفي عام ثلاثمائة وخمسة عشر وهو من بيت العلم والرواية والحفظ والدراية، وولد أبو علي في سنة ومائتين وثماني وتسعين من الهجرة، وسمع من جده أحمد بن محمد الماسرجسي وإمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة وأبي العباس السراج وأبي حامد ابن الشرقي ووالده محمد بن أحمد وارتحل في سنة ثلاثمائة وإحدى وعشرين، فأخذ عن أبي بكر بن زياد النيسابوري، وابني المحاملي ، وخلق بالعراق ولحق بالشام بقايا أصحاب هشام بن عمار.

 

وبمصر أصحاب يونس بن عبد الأعلى، والمزني، وكتب العالي والنازل وأطال المكث بمصر، وكتب الفقه والحديث بها وخرج على الصحيحين مستخرجا حافلا وعمل المسند الكبير في نحو من وقر بعير، فقال أبو عبد الله الحاكم في تاريخه صنف المسند الكبير في ألف جزء وثلاثمائة جزء، يعني مهذبا معللا، قال وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد، فكان يحفظه مثل الماء وصنف المغازي والقبائل والمشايخ والأبواب وخرج على صحيح البخاري كتابا، وعلى صحيح مسلم، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده ودفن علم كثير بموته، وقد سمعته يقول سمعت أبي يقول سمعت مسلم بن الحجاج يقول صنفت هذا المسند، وهو يعني صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقال الحاكم في موضع آخر صنف أبو علي حديث الزهري فزاد على محمد بن يحيى الذهلي، قلت أحسبه ظفر بحديث الزهري لأحمد بن صالح المصري.

 

وقال الحاكم وعلى التخمين يكون مسنده بخط الوراقين في أكثر من ثلاثة آلاف جزء، قلت يجيء في مائة وخمسين مجلدا، قال فعندي أنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه وعقد أبو محمد بن زياد مجلسا عليه لقراءته، قال وكان مسند أبي بكر الصديق بخطه في بضعة عشر جزءا بعلله وشواهده ، فكتبه النساخ في نيف وستين جزءا، وتوفي في شهر رجب سنة ثلاثمائة وخمس وستين من الهجرة، وصلى عليه ابن أخيه الإمام أبو الحسن الماسرجسي رحمه الله، وقيل هذا ممن لم يقع لي شيء من حديثه، فلعل أن يكون في تواليف البيهقي شيء منه، وهكذا كان الماسرجسي الشافعي محمد بن علي بن سهل بن مصلح الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن بنت الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري شيخ الشافعية في عصره سمع وروى، وهو أحد أئمة الشافعيين بخراسان، وأعرفهم بالمذهب وترتيبه وفروع المسائل.

 

تفقه بخراسان والعراق والحجاز، والماسرجسي هذه النسبة إلى ماسرجس، وهو اسم لجد أبي علي الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري، كان نصرانيا فأسلم على يد عبد الله بن المبارك، وأبو الحسن الفقيه المذكور ابن بنت أبي علي المذكور، فنسب إليه، ونسبة الكل إلى ماسرجس المذكور، وقال الحاكم كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، صحب أبا إسحاق المروزي إلى مصر ولزمه وكان معيد أبي علي بن أبي هريرة وهو صاحب وجه في المذهب وعليه تفقه القاضي أبو الطيب الطبري وسمع من خاله المؤمل بن الحسن بن عيسى وسمع بمصر من أصحاب المزني ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، وقال أبو عبد الله الحاكم بن البيع عقد له مجلس الإملاء في دار السنة في رجب سنة احدى وثمانين وثلاث مائة، وتوفي سادس جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وعمره ست وسبعون سنة.

 

وفي النهاية هناك رأي للعلماء فيقولون أما نحن فإن كنا لا نفهم قول النقاد ولغتهم العلمية وأسلوب تعليلهم بالتفرد وبالمخالفة فكيف نعلم استقلالا بوجود العلة أو عدمها أو أن الثقة لم يهم ولم يخطئ في الحديث الذي نقله عمن فوقه، ونحن لا ندري ما الذي في الأصول التي يعتمدها النقاد، وفي الواقع نحن عالة على النقاد القدامى، وعن طريق المتأخرين وقفنا على نصوص هؤلاء النقاد وأعمالهم النقدية، وباحتكاكنا مع هذه النصوص وبقدر انسجامنا معها نستوعب هذا العلم العظيم ونفهم لغة المحدثين ونطبق قواعده كما طبقوها، ونحن إذ نقوم بتخريج الأحاديث ونحاول معرفة مدار رواياتها فإننا نعتمد في ذلك كله على المراجع المتوفرة اليوم، مطبوعة كانت أو مخطوطة، وكم فاتنا من المصادر التي دونها السابقون؟ وأين مسند الإمام يعقوب بن شيبة الذي لم يكمل منه إلا ثلاثون مجلدا؟

 

وأين مسند الإمام الماسرجسي الذي يبلغ ألف جزء، وكيف نقف على المسانيد الأخرى التي فقدت؟ وتقول العلماء ونحن إذا قمنا بتخريج حديث بكل ما أوتينا من قوة ثم قمنا بمقارنة ذلك بما أورده الدارقطني في علله تبين لنا بشكل واضح مقدار عجزنا ومدى علمنا، وجزمنا بأننا عالة على الأئمة القدامى ومع ذلك قد يستدرك الباحث على الناقد بما رواه لاحقه وهما، وهذه مصيبة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى