مقال

الدكروري يكتب عن المزارع المجد ” جزء 9″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن المزارع المجد ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه “فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم، وترد على فقرائهم” وأما عن الزروع التي تجب فيها الزكاة، فهي الكيل، والبقاء، واليبس، من الحبوب والثمار، مما ينبته الآدميون، إذا نبت في أرضه، سواء كان قوتا كالقمح، والشعير، والأرز، والذرة، أو من القطنيات، كالعدس والحمص، أو من الأبازير كالكمون، والكراويا، أو البذور، كبذر الكتان والقثاء والخيار، أو حب البقول، كحب الفجل، والترمس، والسمسم، وسائر الحبوب، وتجب أيضا فيما جمع هذه الأوصاف من الثمار كالتمر، والزبيب، واللوز، والفستق، والبندق، لعموم قوله عليه السلام “فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريّا العُشر، وما سُقي بالنضح نصف العشر” رواه البخاري، فخرج منه ما لا يكال، وما ليس بحَب بمفهوم قوله عليه السلام ” ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة”

 

فدل هذا الحديث على انتفاء الزكاة فيما لا توسيق فيه، وأما ما هو مكيل فيبقى على العموم، فلا زكاة في سائر الفواكه، كالخوخ والكمثرى والتفاح والمشمش والتين والجوز والبرتقال، ولا في الخضر، كالقثاء والخيار والباذنجان واللفت والجزر والبسلة إذا حصدت خضراء، ولا في الجذور، كالبطاطا والبطاطس والبنجر والبصل، وما يلتقطه اللقاط من السنبل، فإنه لا زكاة فيه، ولو اشترى زرعا بعد بُدوّ الصلاح فيه، أو ثمرة قد بدا صلاحها، أو ملكها بجهة من جهات المِلك، كميراث أو هبة لم تجب فيه الزكاة، أو استؤجر لحصاده بنسبة منه تبلغ النصاب، فإنه يعتبر ملك النصاب ملكا مستقرا وقت الوجوب، وهو وقت اشتداد الحب وبُدو صلاح الثمرة وإمكان الانتفاع بها، ولا تجب في ورق مثل الفجل والجرجير والخس ونحوه، ولا في الأزهار كالزعفران والعصفر والقطن لأنه ليس بحب ولا ثمر.

 

ولا هو بمكيل فلم تجب فيه زكاة، والزكاة لا تجب في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم عمر بن عبدالعزيز، وجابر بن زيد، والحسن، وعطاء، ومكحول، والحكم، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وسائر أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم “ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة” متفق عليه، وإن كانت الأرض بين شركاء، قسم المحصول بينهم أولا، فإن بلغ نصيب أحدهم النصاب وجب عليه الزكاة، وإلا فلا زكاة عليه، حتى وإن كان مجموع أنصبتهم يبلغ نصابا لأنه لا تأثير للخلطة إلا في بهيمة الأنعام، وإن كان لرجل قطعتا أرض مزروعتين بنفس الزرع، تضم كل منهما إلى الأخرى، فإن بلغتا نصابا أخرج الزكاة، ولا تضم الثمار المختلفة إلى بعضها البعض.

 

وأما عن مقدار الزكاة، فهو العُشر يجب فيما سُقي بغير مؤنة كالذي يشرب من السماء والأنهار، ونصف العشر فيما سُقي بالمؤن، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ” فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العُشر، وما سقي بالنضح نصف العُشر” رواه البخاري، وقال أبو عبيد أن معني العثري هو ما تسقيه السماء، فإن كان هناك زرع يسقى نصف السنة بكلفة ونصفها بغير كلفة كالفول مثلا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي،و قال ابن قدامة ولا نعلم فيه مخالفا لأن كل واحد منهما لو وُجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه، وسقط حكم الآخر، نص عليه، وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وإذا سقي بعض العام بكلفة والبعض الآخر بغير كلفة، ألحق بأكثرهما، وإذا جهل الأكثر منهما، أخرج العُشر إبراء للذمة.

 

 

 

وتجب الزكاة إذا اشتد الحَب وأمكن الانتفاع به وتخرج بعد تصفيته، وأما عن زكاة بهيمة الأنعام، فقد ذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام مثل الإبل والبقر والغنم، إلا إذا كانت سائمة أي ترعى النباتات البرية، ولا يعلفها صاحبها، فإن كانت تعلف، فلا زكاة فيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها، فليُعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة, فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة، وكذلك الإبل والبقر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى