مقال

الدكروري يكتب عن الزراعة وحياة البشرية ” جزء 7″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الزراعة وحياة البشرية ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ويقول النبي صلي الله عليه وسلم ” لا يغرس مسلم غرسا، ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيئ إلا كانت له صدقة” ويقول الإمام النووي رحمه الله إن هذا الحديث يدل على فضيلة الزرع والغرس، وأن أجر الزارع مستمر ما دام زرعه باقيا ومتناميا ويستفاد منه إلى قيام الساعة، كما أن أهل العلم اختلفوا في أفضل الأعمال التي يجني منها الإنسان رزقه، فقيل التجارة وقيل الصنعة باليد، وقيل إن الزراعة هي أطيب المكاسب ورجّح النووي هذا القول، ويتبين أيضا من هذا الحديث أن الثواب الذي يجنيه العبد إذا أكل من زرعه أو أتلف هو ثواب خاص بالمسلمين، ولا يناله غيرهم، فهم سينالون أجرهم على هذا في الآخرة بإذن الله تعالي، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له ألست فيما شئت؟ قال بلي ولكن أحب أن أزرع،

 

فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤة واستحضاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء” وهنا يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل من أهل الجنة ومتنعم بنعيمها يطلب من الله تعالى أن يزرع في أرضها، فيسأله الله تعالى أليس لديك جميع ما تحب وتشتهي من الطعام والشراب وأصناف النعيم، فلماذا تحتاج إلى الزرع، فيقول إنه يحب ذلك فيبذر البذور في أرض الجنة، فما هي إلا أقل من طرفة عين فينمو زرعه ويتكاثر حتى يصبح كالجبال، ويكون نموه هذا بدون حصاد وسواه مما يحتاج إليه الزرع في الدنيا، فيقول الله عز وجل حينها خذ ما شئت، فإنه لا يشبعك شيء، وفي هذا توبيخ لبني آدم وأنهم يحبون الكثرة ويطلبون المزيد حتى وإن كانوا في الجنة، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتي يغرسها فليغرسها”

 

والفسيلة هي النخلة الصغيرة، وفي هذا الحديث حض على الاستثمار وترغيب باغتنام الفرص حتى وإن كان ذلك عند قيام الساعة، لأجل الزرع في الأرض وإعمارها بالخير الذي ينتفع به الآخرون فيكون ذلك بمثابة صدقة جارية يظل أجرها باقيا إلى يوم القيامة، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سبع يجري للعبد أجرهن، وهو في قبرة بعد موته، من علم علما أو أجري نهرا، أو غرس نخلا، أو بني مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولد يستغفر له بعد موته” ويذكر هذا الحديث أنواعا متعددة من الصدقات الجارية التي يبقى أجرها بعد الموت وكأن العبد ما زال مستمرا في فعلها، وهذه الصدقات هي التعليم ويدخل فيه التأليف والإفتاء، وحفر الآبار وإجراء الأنهار وإن كان ذلك العمل كان بقصد المنفعة الشخصية، ولكن استمرار انتفاع العباد به جعل أجره مستمرا، ومن الصدقات الجارية أيضا الزراعة.

 

وغرس النخيل وأنواع الفاكهة المختلفة مثل العنب والتين التي تستمر بالنمو ولا تحتاج لكبير اهتمام، وفي هذا بيان للثواب العظيم الذي قد يجنيه المسلم إذا أكثر من زراعة الأشجار، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، والزموا الإيمان والعمل الصالح فإن عاقبتهما أمن وفلاح في الدنيا والآخرة، واحذروا الكفر والنفاق والمعاصي فإن عاقبتها شقاء وخسارة في الدنيا والآخرة، وهذا ويجب أن نوضح أن للزروع زكاة ولكن من هم لا يجزئ دفع الزكاة إليهم، فأولا هو الكافر، حيث قال ابن المنذر وأجمعوا على ألا يجزئ أن يعطى من زكاة المال أحد من أهل الذمة فالكافر من باب أَولى، وكذلك الغني، فعن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرّة سوي” رواه أبو داود، وكذلك من تلزمك نفقته، حيث قال ابن المنذر رحمه الله وأجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين.

 

والولد في الحالة التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم، وأجمعوا على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة لأن نفقتها عليه، وهي غنية بغناه، وكذلك أيضا بنو هاشم، وذلك لما رواه مسلم من حديث عبدالمطلب بن ربيعة والفضل بن عباس مرفوعا “إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس” وكما روى الإمام مسلم عن زيد بن أرقم قال ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال ومن هم؟ قال هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، وأما عن دفع الزكاة إلى الأقارب، فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله هل تجوز الزكاة من الأخ لأخيه المحتاج وهو عائل ويعمل ولكن دخله لا يكفيه؟ وكذلك هل تجوز للعم الفقير؟ وكذلك هل تدفع المرأة زكاة مالها لأخيها أو عمتها أو أختها؟ فقال لا حرج في دفع الرجل أو المرأة زكاتهما للأخ الفقير، والأخت الفقيرة، والعم الفقير، والعمة الفقيرة، وسائر الأقارب الفقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى