مقال

الدكروري يكتب عن التجارة ما بين الحلال والحرام ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التجارة ما بين الحلال والحرام ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

وأما عن القاعدة الثانية هى التحليل والتحريم من حق الله وحده، لا يستطيع إنسان كائنا من كان ولو كان نبى أن يحرم من عنده أو أن يحلل، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام” إن أتبع إلا ما يوحى إلى قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون” وقد قال بعضهم ثلاث نصائح تكتب، وهى اتبع لا تبتدع، واتضع لا ترتفع، والورع لا يتسع، وأن أول كلمة في الخلافة التي ألقاها الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه قال إنما أنا متبع ولست بمبتدع، فهذا مؤمن كبير، أو صدّيق، أو صحابي جليل، أو تابعي جليل، أو فقيه كبير، فهو يكتشف الأحكام ولا يأتي بالأحكام من عنده، وهو يكتشف، ويستنبط، فإن الله عز وجل في القرآن الكريم نعى على أهل الكتاب أنهم جعلوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجل، فقال تعالى فى سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون”

 

فإن كلام الأشخاص لا يحلل حراما، ولا يحرم حلالا، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، والتحليل والتحريم من حق الله وحده، فالأنبياء يبلغون، والعلماء يبينون، والمشرع هو الله تعالى، فهذه قواعد خطيرة وأساسية في علوم الدين، وقد جاء عدى بن حاتم إلى النبى صلى الله عليه وسلم وكان قد اتبع النصرانية قبل الإسلام، فلما سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية من سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون” فقال يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم، فقال صلى الله عليه وسلم بلى إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم” فأنت عندما تلتقي مع إنسان لا تقول إنه إله، أما حين يأمرك بما تخالف الشرع وتنصاع له فأنت عاملته كإله، جعلته إلها لا بلسانك بل بسلوكك، فقد أمرك بقطيعة الرحم، مثلا وانصعت له، فأنت ماذا فعلت؟

 

أنت خالفت شرع الله عز وجل واتبعته، أنت ما قلت إنه إله لكن اتباعك إياه بما يخالف الشريعة جعلته إلها وأنت لا تدري، فقال يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم قال صلى الله عليه وسلم” بلى إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم” وهناك رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم ” ألا إنهم لم يكونوا يعبدوهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه” فإن العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان بينا بلا تفصيل بينا، والآن لو أردنا أن نطبق هذه القاعدة، لو فرضنا إنسان له موجه ديني، هذا الموجه أمره أمرا مخالفا للقرآن، أو خلاف السنة، وطبقه، ماذا فعل هذا الإنسان؟ عبده من دون الله، فإن العلماء لا يفتون إلا بما كان فيه دليل قطعي، لذلك روى الإمام الشافعي في كتابه الأم عن القاضى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال “أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون الفتية”

 

فإن العلماء لا يفتون إلا بما كان فيه دليل قطعي، لذلك روى الإمام الشافعي في كتابه الأم عن القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال “أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون الفتية” وإن الحقيقة أجرؤوكم على الفتية، فقد أجرؤوكم على النار، وأن يقولوا هذا حلال وهذا حرام، كلمة كبيرة جدا، وأن تقول هذا حلال وهذا حرام، طبعا إذا كان هناك دليل يقينى كالشمس تقول له هذا حلال، وإذا قال لك اسرق، تقول له حرام، طبعا القصد هنا الشبهات، قال هؤلاء العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بيّن بلا تفسير، إنما حرم عليكم الميتة أي أَكل لحمٍ ميتٍ، فإن كان الشيء بيّنا كالشمس قل هذا حرام وهذا حلال، وإن كان الشيء مختلفا عليه لا تقل هذا حرام وليس معك دليل، هؤلاء العلماء يخشون أن يفتوا، أن يقولوا هذا حرام وهذا حلال، طبعا إذا كان هناك دليل يقيني أن هذا حلال وهذا حرام فلابأس، إذا قال لك اسرق.

 

تقول له هذا حرام القصد هنا الشبهات، وقال هؤلاء العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان فى كتاب الله عز وجل بينا بلا تفصيل، ويقول الله تعالى فى سورة البقرة ” إنما حرم عليكم الميتة” وهذا يدل على أن أكل لحم الميتة حرام، فالشيء إذا كان بيّنا كالشمس قل هذا حلال وهذا حرام، وإذا كان مختلفا عليه لا تقل هذا حرام وليس معك دليل، وإن ترفع العلماء عن قول هذا حلال وهذا حرام من دون دليل قطعى، فقال أحدهم حدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم وكان من أفضل التابعين أنه قال إياكم أن يقول الرجل إن الله أحلّ هذا أو رضيه، فيقول الله له” لم أحل هذا ولم أرضه، و يقول إن الله حرم هذا، فيقول الله ” كذبت لم أحرمه” وقال بعض العلماء عن إبراهيم النخعى أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه قالوا هذا مكروه وهذا لا بأس به، فأما نقول هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا، فإن كلمة حلال شيء مشتبه فيه، وكلمة حرام شيء مشتبه به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى