مقال

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 3″

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وقد جاءت النصوص في كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم تحث على الوفاء وتوجبه، وجاء في السنة النبوية المشرفة أن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان كان بينه وبين الروم عهد فكان يسير في بلادهم فإذا انقضى العهد أغار عليهم، فجاء يوم رجل على فرس ينادي الله أكبر، الله أكبر وفاء لا غدر، فإذا عمرو بن عبسة فسأله معاوية فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد وثاقا ولا ينقضه حتى تنتهى المده أو ينبذ إليهم على سواء” وإن للوفاء بالعهد فضائل عظيمة ومناقب كثيرة، ومنها أن الوفاء بالعهد صفة من صفات ربنا جل وعلا، فقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه ” إن الله لا يخلف الميعاد” وقال الله في دعاء المؤمنين ” ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد” وأن الوفاء بالعهد خلق أهل الإيمان الموعودون بالفردوس الأعلى، قال جل وعلا.

 

“والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” والوفاء بالعهود صفة الصابرين، والوفاء بالعهد أيضا خلق ذوي الألباب، حيث قال جل وعلا ” الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق” ومن الوفاء أيضا أن الوفاء بالعهد سبب للأجر العظيم، فقال جل وعلا “ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما” والوفاء بالعهد شامل لما بين العبد وربه، وما بينه وبين عباد الله، والوفاء بالعهد مجالاته واسعة وعديدة تشمل مصالح الدنيا والآخرة، فمن الوفاء بالعهد أن توفي بعهد الله الذي عاهد الله عليه لأن الله أخذ من ذرية بني آدم العهد في صلب أبيهم بعبادته وحده لا شريك له،لأن الله خلق الخلق لعبادته، وأرسل الرسل ليقوموا هذا التوحيد للناس ويوضحوه، وفطر الخلق عليها، ومن مجالات الوفاء بالعهود، هو الوفاء بقضاء الحقوق المالية، كقضاء الدين، فإن الوفاء به واجب، والتخلف عن ذلك خطأ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قضاء الدين.

 

ويحذر من الدين ويرغب في قضائه، حريص على قضاء الدين بعون الله تعالى، وكان يمتنع من الصلاة على من عليه دين حتى يضمن أحد القضاء عليه، هذا في أول الإسلام حثا للأمة على أداء الحقوق، وحذرنا صلى الله عليه وسلم من المماطلة بالحقوق مع القدرة في ذلك، ومما يجب والوفاء بالعهد به ما بين الزوجين من شروط عندما تشترط الزوجة أو أولياءها أو الزوج عند عقد النكاح، فلابد للزوجين من القيام والالتزام بهذه الشروط، فإنها من الشروط المهمة، فالشروط بين الزوجين يجب الوفاء بها ما دام شروطا توافق الشرع ولا تخالفه، ومما يجب الوفاء به ما بين الزوجين من تعامل طيب وخصال طيبة، فالزوج لا ينسى فضائل امرأته، ومحاسنها، وأخلاقها، ويتحدث بذلك، والمرأة أيضا كذلك فقال الله عز وجل “ولا تنسوا الفضل بينكم” ومن العهود التي يجب الوفاء بها حقوق العمال، والمستأجرين، فيجب على رب العمل.

 

أن يعطي العامل حقه كاملا، في وقته وبقدره، وأن لا يضايقه، وأن لا يحمله التنازل عن حقه بل يعطيه حقه كما أتفق معه، فإن الله تعالى يقول “إن الله يأمر بالعدل والإحسان” فالعامل له حقه أن تعطيه أجره كاملة من غير نقص في وقتها المحدد والزمان المتفق عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه” وجاء في الحديث أن الله عز وجل يقول ” ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بى ثم غدر، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطى أجره، ورجل باع حرا فأكل ثمنه” فهولاء توعدوا بهذا الوعيد الشديد، الله خصمهم يوم القيامة، فرحم هذا العامل وأعطي حقه كاملا، وإياك والإضرار به والمماطلة بحقه، وحمله على خلاف ما اتفقت عليه، فإن هذا غش وخيانة، كما أن على العامل واجبا أن يوفي العهد الذي عليه، فيؤدي العمل تاما كاملا من غير نقص، فقال صلى الله عليه وسلم ” فمن غشنا فليس منا”

 

والله يحب من العامل إذا عمل عملا أن ينقينه، ومن الوفاء بالعهد أيضا هو وفاء الرعية بما التزموا به من طاعة ولي أمرهم، والسمع والطاعة له، والبيعة الشرعية التي أخذت عليهم جميعا بالسمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف، فإن الله جل وعلا أمرنا بطاعة ولي أمرنا فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى ألأمر منكم ” فبيعتنا لولي أمرنا تقتضي وجوب السمع والطاعة بالمعروف، وعدم الخروج وعدم التأليب عليهم، وأن نسمع ونطيع، ونسعى في جمع الكلمة، وتأليف الصف ووحدة الهدف، دون أن نحث ما يسبب الفوضى والبلبلة فإن هذا خلاف الشرع، فالبيعة يجب الوفاء بها، فيقول صلى الله عليه وسلم ” من بايع أميرا فأعطاه صفقة يدة وثمرة قلبه فليطعه مستطاع فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان” وذم قوما بايعوا أميرهم بمصالح الدنيا فإن لم يعطيهم مصالح الدنيا خرجوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى