مقال

الدكروري يكتب عن مشروعية الأضحية في الإسلام ” جزء 4″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مشروعية الأضحية في الإسلام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “كل أيام التشريق أيام ذبح، وقال أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ” وقال ابن القيم رحمه الله “إن الأيام الثلاثة تتفق في كونها أيام منى وأيام تشريق ويحرم صومها، ويشرع التكبير فيها” فهي إخوة في هذه الأحكام فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع، فمغرب يوم الثالث عشر من ذي الحجة على هذا القول آخر وقت للذبح، وأفضل وقت اليوم الأول بعد فراغ الناس من الصلاة، والإمام من الخطبة، وإن الأفضل من الأضاحي جنسا، كما قال بعض العلماء الإبل، وقال بعضهم الكبش، والأفضل من الأضاحي صفة الأسمن، والأكثر لحما، والأكمل خلقة، والأحسن منظرا، فبدلا من أن يتباهوا بملكات الجمال في البهائم، فليرونا الأحسن منظرا في الأضاحي، وأفضل الأضاحي لونا، وقال النووي رحمه الله البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم البلقاء وهي التي بعضها أبيض.

 

وبعضها أسود، ثم السوداء، وقال ابن قدامة رحمه الله “والأفضل في الأضحية من الغنم في لونها البياض” ويدل على ذلك ما ورد في حديث أنس بن مالك “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده” وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “الأملح هو الذي فيه سواد وبياض والبياض أكثر” وقد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشا ينظر في سواد، أي ما حول عينيه أسود، ويبرك في سواد، أي ما حول ركبتاه أسود، ويطأ في سواد كذلك ما حول الأقدام، وكان الباقي أملح وهو الأبيض الذي قد اغبر شيئا ما، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بواحدة عنه وعن آل بيته، فيسعك أنت وأهل بيتك واحدة من الأحياء والأموات، ويجوز أن يضحي بأكثر من واحدة، ولكن لا لتباهي، ولا للتفاخر بهذا، وإنما ليطعم هو وأهل بيته، وكذلك يتصدق، ويهدي منها، تتسع البقرة والبدنة لسبعة، وأما الشاة فلا تجزئ إلا عن واحد، وهكذا وردت الأدلة.

 

وينبغي لمن أراد أن يضحي أن يطلب الإخلاص، ويبتغي وجه الله تعالى، وهو الذي يلتزم بالإمساك عن الشعر والأظفار، ولا يخرجه من ذلك أن يوكل فإن الذي يلتزم هو صاحب الأضحية الذي دفع ثمنها، هو صاحبها الذي يملكها، التي هي ملكه، ولا يلزم الحكم الأهل، والأولاد، ولا الجزار، ولا الوكيل، وتساق إلى محل ذبحها سوقا جميلا، وهذا من رفق الشريعة، وأن يحد السكين قبل الذبح، ولا يحد السكين أمامها، ولا يذبح شاة أمام أخرى، ويضجع الغنم والبقر على جانبها الأيسر، وأما الإبل فتنحر قائمة على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى لكي تقع إذا نحرت، ويقول تعالى “فإذا وجبت جنوبها” أي طاحت “فكلوا منها” وهكذا يطعم البائس الفقير، ولابد من استقبال القبلة، والتسمية والتكبير، ويستحب أن يذبحها هو، أو يشهد ذبحها، ولا بأس أن يستعين بمن يعينه، وقد جاء عن أبي الخير أن رجلا من الأنصار حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجع أضحيته ليذبحها.

 

فقال لرجل “أعني على أضحيتي فأعناه” فقال ابن حجر وأعان رجل ابن عمر في بدنته، قال عمرو بن دينار “رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة، ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن” والتوكيل بذبحها للموثوقين من الجهات والهيئات لا بأس به، فقال القيرافي رحمه الله “كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين” لأنهم أولى بالتقرب، فإن وكل تارك الصلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته، ولا يجوز أن يذبحها مشرك، ولا مرتد، ولا كافر من غير أهل الكتاب، والأكل منها سنة، كلوا وتزودوا وادخروا، وهذه الصدقة منها قلت أو كثرت عند الله بمقدار إلى النصف، والهدية من الأضحية مندوبة، وأجرة الجزار من غير الأضحية، فلا يعطيه جزء منها أجرة كما قال الإمام علي “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها، وجلودها، وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها، وقال نحن نعطيه من عندنا”

 

وفي رواية لمسلم “ولا يعطى في جزارتها منها شيئا”ولا يباع شيء من الأضحية لئن ما خرج لله لا يجوز أن يعود فيه الإنسان، ومن باع جلد أضحيته فلا أضحية له، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وله أن يبدلها بخير منها إذا أراد قبل ذبحها، والأصل أن التضحية في محل المضحي سواء كان في بلده، أو في موضع السفر، وأن توزع على فقراء البلد المحتاجين قياسا على الزكاة، ويجوز نقلها إذا استغنى أهل بلد المضحي، وكثرت فيه الأضاحي، ولكن أن تنقل الأضاحي من البلد بحيث تختفي السنة منه فلا، بل قد ذكر بعض أهل العلم قتال أهل البلد الذين يمتنعون عن هذه الشعائر جميعا، ولا بأس للمغترب عن أهله، ووطنه أن يوكل في شراءها، وذبحها في بلده، وتوزيعها على أقاربه والمحتاجين من أهل بلده، وإن هذه الأيام التي يسير فيها كثير من الحجاج إلى بيت الله الحرام تعظيما له، وجعل الله البيت مثابة للناس إذا انصرفوا منه يعودون إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى