مقال

الدكروري يكتب عن مفهوم الحق في الإسلام 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مفهوم الحق في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن لمفهوم الحق في الإسلام تعريفات كثيرة، ودلالات واسعة، فهو يطلق على ما أوجبه الله تعالى من الفروض، كالزكاة والتي تعد حقا من حقوق الفقراء، وواجبا على الأغنياء، لقوله تعالى كما جاء فى سورة المعارج ” والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم” ومثال على ذلك محاربة المرتدين في زمن الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والذين امتنعوا عن دفع الزكاة، فهو حق من حقوق الناس لا مهادنة فيه، وكذلك فإن الموت حق علينا جميعا، فإنه مهما طال عمر الإنسان أو قصر، لا بد أن ينتهي بالموت، لقوله تعالى كما جاء فى سورة ق ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” وما ثبت حقه فى الشرع، مثال على ذلك حق النفقة للمرأة المطلقة، وحق الميراث للورثة، وحق الإنسان في التحكم بما يملكه من بيع وشراء أو صدقة، أو هبة، أو وقف، وكذلك اليقين المقرون بالأدلة الصحيحة، والحجج الطاهرة.

 

والباطل الممثل بالشك والزيف المقرون بالحجج المريضة والناقصة، فقد كانت دعوى الأنبياء الكرام عليهم جميعا الصلاة والسلام دعوى حق تبرهن على وجود الله عز وجل، فقال تعالى كما جاء فى سورة محمد ” ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم” ويعتبر الإسلام أن كل حق للإنسان هو في نفس الوقت حق للبشرية، خولها لعباده من غير تمييز في اللون والجنس، حيث إن المساس بها هو إخلال بالحق الإلهى، ومن أنواع الحقوق، هو حقوق الله تعالى على العباد، وهى تتجلى في عبادته سبحانه وتعالى، وعدم الإشراك به، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، وأيضا حقوق النفس وهى من خلال القيام بالحاجات الأساسية لها من تغذية ونظافة وعدم تحميلها فوق طاقتها، واجتناب حرمانها من النعم التي أنعمها الله تعالى على عباده، وأيضا حقوق العباد على العباد.

 

من حفظ وصون حق الأهل والأبناء والجيران، وكذلك رعاية الحقوق في الإسلام حيث يعتبر الإسلام الحقوق الأساسية والحريات العامة جزءا من الدين الإسلامى، ولا يحق لأحد أن يعطلها سواء جزئيا أو كليا، وكما جعل رعايتها عبادة، وإهمالها أو التعدى عليها منكرا، يحاسب عليه المسلم يوم القيامة، فكل إنسان مسؤول عن هذه الحقوق بمفرده، والأمة كافة مسؤولة عنها بالتضامن، لذا اعتبر الإسلام أن الإيمان والتربية أساس احترام الحقوق، فلا خير في مؤمن لا يؤدى واجبه، وكما يجب على الدولة والمجتمع رعاية الحقوق كاملة، وإن هذا الحق من أسمائه عز وجل، وأفعاله حق، وصفاته حق، وكل شيء يُنسب إليه سبحانه وتعالى فهو حق، والموضوع متعلق باسمه عز وجل، وشرف كل علم بشرف المعلوم، وهذا المعلوم له تعلق باسم من أسمائه تعالى، وهو الحق، وقوله حق، وفعله حق، ووعده حق، ولقائه حق، ورسله حق.

 

وكتبه حق، ودار كرامته حق، ودار عذابه حق، فإذا، معرفة الحق من الفطرة، ومعرفة الحق من أشرف العلوم، ومعرفة الحق للتميز بينه وبين الباطل، وضبط الأمور، حتى لا يقع الزيغ، فإن للحق أمارات وعلامات نصبها الله تعالى، والتمييز بين الحق والباطل أمر مهم جدا، ومعرفة الحق لاتخاذ الموقف من الحق بالتأييد، ومن ضد الحق هو الباطل للمواجهة، ومعرفة الحق تجعلك تؤيد أنصار الحق، ومواجهة أعداء الحق، وإذا عرفنا الصوارف عن الحق عرفنا كيف نواجهها، وقال حذيفة “كان الناس يسألون النى عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركنى” رواه البخارى، ومسلم، ولكن ما معنى الحق واحد ولا يتعدد؟ وما معنى الحق أبلج، والباطل لجلج؟ وما معنى الحق له علامات، وأمارات؟ فإن معرفة الحق تعين على الثبات عليه، والقين به، خصوصا في عصر الفتن من الشهوات والشبهات، وخصوصا في عصر انتفاش الباطل، وهيمنته، وكثرته.

 

وتغلبه المادي، وإن المسلم الذى يعرف الحق ثابت الجنان، قوى الحُجّة، مطمئن في مسيره، وإن معرفة الحق تعين في الحكم على الأشخاص، والأعمال، والمواقف، والأحداث، لأنه لا يجوز الحكم على هذه الأشياء بالظن والتخرص، ولا الرجم بالغيب، ولا بالهوى والتشهي، ولا بالعصبية، وإن معنى الحق، فهو كلمة تدل على إحكام الشيء وصحته، والحق في كتب اللغة وصفوه بالعدل، ووصفوه بالثبات، ووصفوه بالوجوب، ووصفوه باليقين، ووصفوه بالصدق، ووصفوه بأنه ضد الباطل، إذن فإن الحق هو الإحكام، والصحة، والإصابة، والوجود، والثبات، والصدق، والعدل، ولكن ما معنى الله تعالى هو الحق؟ أي حق في وجوده، فلا يمكن لأحد أن يجحده ويكون مسلما، حق في أفعاله، حق في قضائه وقدره، حق في ذاته وصفاته، حق في ألوهيته، فلا يستحق أحد العبادة إلا هو، فقوله تعالى حق، وفعله تعالى حق، ورسله الكرام حق، وكتبه حق، ودينه حق، فالله عز وجل هو الحق المطلق، كما قال تعالى فى سورة الحج ” ذلك بأن الله هو الحق”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى