مقال

الدكروري يكتب عن سمات الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن سمات الحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يتسم الحق بالثبات، وعدم الاضطراب، فلا تجد زعزعة في الحق، ولا تجد فيه خللا، وليس فيه اضطراب، فالحق مطرد وثابت، لا يتلون، ولا يتغير، ولا يتبدل، ولذلك تجد من علامات الباطل، أنه بشرى المصدر، أو شيطاني المصدر، وأنه يتلون ويتغير، والله عز وجل يجرى أقدارا فى الواقع ليبين للناس الحق، فمثلا، هناك كثير من الناس عندهم قناعة بالديمقراطية، وأن الديمقراطية هي الطريقة الصحيحة، وهي الطريقة الراقية، والطريقة الناضجة، ولكن إذا نظرت إلى الواقع تجد أن الديمقراطية كصنم من تمر، متى أرادوه اتخذوه، ومتى لم يناسبهم أكلوه، فهل الديمقراطية منهج مضطرد في العالم عند أهله الذين يقولون به؟ فإن الجواب لا، فإذا ناسبهم اتخذوه، وإذا لم تعجبهم النتائج ذهبت كل شئ، فالله يجري أحداثا ليبين للناس أن هذه أباطيل، وفي كل المسائل، حتى لو جاءت أكبر مسألة، الحق فيها من عند رب العالمين شيء معين، ولذلك فإن الحق يطرد.

 

والباطل متلون، وهذه من صفات المنافقين الذين يتربصون بكم، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين” أما الحق في ثبات، فقال تعالى ” إذا لقيتم فئة فاثبتوا” حتى إذا لقيتم فئة من أهل الباطل يناقشون، ويجادلون، فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تهدد وتتوعد فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تعذب وتعتدي فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تقاتل فاثبتوا، فسواء كانت تجادل، أو تقاتل، أو تهدد، أو تتوعد للباطل، فاثبتوا، فقال تعالى فى سورة إبراهيم ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة” وكثير من الذين أسلموا رأوا آيات تدل على أن هذا هو الحق، بعضهم رآها في ساحات المعارك، وقال رأيت جنودي يفرون أمام أناس ليس عندهم إلا بنادق قليلة، مع كثرة ما لدينا من السلاح والعتاد، فقلت كيف يمكن هذا؟ ويقول بعضهم لا نعرف دينا محاربا فى العالم الآن مثل الإسلام.

 

والإسلام حسب الإحصاءات أكثر الأديان انتشارا في العالم، كيف يكون هذا؟ يعنى وكيف يكون الإسلام أكثر دينا يُحارب في العالم هو وأتباعه، قتل، حصار، شبهات، شهوات، كل أنواع المواجهة، ومع ذلك فالإسلام أكثر الأديان انتشارا في العالم، ينتشر بحسب الإحصاءات، كيف يصير هذا؟ فبعضهم أسلم عندما رأى هذا، ويقول هذا لا يمكن إلا أن يكون حقا ونحن كلما حاربناه، وكلما اشتد حربنا له فهو ينتشر أكثر لأن العادة جرت أن الشيء المحاصر، والمحارب يموت، ينكمش، على الأقل أن يبقى مكانه، وألا يزداد، لكن أن نحاربه ويزيد، أو أن ونحاربه وينتشر، هذا شيء ليس من صُنع البشر، هناك شيء فوق العادة، وأيضا من التقيضات الإلهية للحق، أن الله يقدّر مواقف يثبت فيها أهل الحق لبقاء الدلالة على أنه حق، كقصة أصحاب الأخدود مثلا، وموقف الغلام ذلك الموقف الذي ثبّت الله به الناس، وهداهم، وموقف الغلام الذى مع أمه.

 

فى قصة ماشطة بنت فرعون عندما تقاعست أن تقع في النار، فقال يا أماه، أصبري فإنك على الحق كما رواه البخارى سواء كان الغلام الكبير، أو الغلام الصغير، فإن هذه آيات دالة على الحق لأن عادة المبادئ أن يدافع عنها الرجال الأقوياء الكبار، فعندما يقيض الله غلاما لتسلم على يديه قرية بأكملها، ويقيض رضيعا ليثبت به أمه، فهذه آيات وأقدار، ومواقف ينصبها ويقدرها الله في الواقع، لتثبيت أهل الحق على الحق، وهذه إعانة مهمة، وأما عن التأييد الإلهى فإن الله عز وجل أيد الحق بمعجزات للأنبياء، أيده بتثبيت أصحابه، أيده بسنن كونيه جارية، فقال تعالى فى سورة يونس ” ويحق الحق بكلماته” فيثبت أصحاب الحق على الحق، كما قال فى سورة الأنفال” ولو كره المجرمون” وهذه كلماته السابقة الأزلية في الوعد بذلك، وهذه أوامره وقضاءآته، وهذه حججه وبراهينه، فإن الله يؤيد الحق بإرسال الرسل، ومعهم المعجزات الدالة على الحق، وإنزال الكتب المبينة.

 

فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” كان الناس أمة واحده فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق” وقال الله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ” وإن المعجزات من التأييد الإلهى للحق، لأنه لا بد للناس من بينات تدلهم أنه هذا، وليس هذا، ولو كل انسان يقول أنا رسول، اتبعوني، لفتح الباب للمبطلين، فجعل الله تعالى للرسل الذين أرسلوا من عنده آيات، تدل على أنهم أتوا من عنده عز وجل بالحق، وأن غيرهم دجّالون كذابون، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” قد جاءتكم بينة من ربكم ” وجادل فرعون، وقال كيف نعرف يا موسى أنك من عند الله؟ قال كما جاء فى سورة الشعراء ” أولو جئتك بشئ مبين قال، فأت به إن كنت من الصادقين” فألقى عصاه، فإن الفرق واضح جدا بين هذه الآية، وبين عمل السحرة، ولا يمكن أن يقارع ما عند هؤلاء ما جاء به نبى الله موسى عليه السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى