مقال

الدكروري يكتب عن الأمن من الكوارث

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأمن من الكوارث

بقلم / محمــــد الدكـــــروري

 

إن الأمن من الكوارث لا يكون إلا بقوة الإيمان وسلامة العقيدة ومراقبة الله دائما، فالمؤمن يدرك من نصوص كتاب الله، وهدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن الكوارث تساق للعبرة والعظة، وتنبيه الغافلين، ومعاقبة العاصين المعاندين، وأن الخير الذي ينزل على النفوس ماهو إلا من عند الله، أما الشر فمما كسبت أيدي الناس، فقال الله تعالى “ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك” وأن المؤمن هو الذي يتعظ ويرتبط بالله، أما غيره فتمر عليه الأحداث كما تمر على الجمادات بل إن من الجمادات ما يحس ويخاف فقال تعالى “وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون” وفرق بين المؤمن وغيره، بأن المؤمن يتحمل ما ينزل به في نفسه أو ماله أو ولده، أو ما يحيط به بصبر وطمأنينة ورضا، فيؤجر على ذلك، أما غيره فيتسخط ويجزع، فلا يدفع عنه ذلك شيئا، وإنما يزداد مع وقوع النازلة، ألما نفسيا، فيسخط ربه، ويبطل عمله.

 

وتبقى نازلته عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل” ويقول صلى الله عليه وسلم “لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه ذنب” ولذا قيل المؤمن مبتلى، ليكون في ذلك محك لإيمانة، وميزان لدرجة صبره واطمئنان قلبه، ومكر الله وعقابه، وغيرته سبحانه على نعمه، تكون دائما نصب عيني المؤمن، فهو يخشى ويخاف على نفسه أولا، وهل هو من المقبولين أم لا؟ وقيل يعيش المؤمن بين مخافتين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه” فهو يخشى من عقابه، ويخاف من مكره سبحانه ونقمته، حيث قال تعالى “أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون” وخوف من نقمة عامة تصيب الجميع بعمل البعض، وما سياق ما حصل للأمم السابقة التي عاندت شرع الله، وكذبت كتبه، ولم تؤمن برسله إلا عبر وعظات للقلوب المؤمنة.

 

لتدرك أن الراحة والاطمئنان في أمور الحياة وبعد الممات في طاعة الله، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من شرع من عند الله عز وجل، لكن من هو هذا المؤمن الذي تساق له التوجيهات، ويبلغ بالأوامر؟ فإن مبعث الأمن في المجتمع هو الاعتقاد الجازم بسلامة الأوامر والتصديق بها، وتطبيقها، وجعلها منهج حياة فيقول صلى الله عليه وسلم “والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل من هو يا رسول الله؟ قال من لا يأمن جاره بوائقه” فهنا قرن الإيمان بتأمين الجار والمحافظة عليه وهذا هو أدب من آداب الإسلام العالية، وكل آدابه عالية، لأنها مبعث للأمن، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” وقوله صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”

 

والإيمان يهذب الطباع، ويزكي النفوس، ويعطيها نظاما يؤلف بين القلوب فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا بيع بعضكم على يبع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” متفق عليه، وإن من أهم انواع الأمن هو الأمن الاجتماعي، وهو الحالة التي تفرض وجود تنظيم اجتماعي اتفاقي يحقق شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى بلدهم، ومجتمعهم، ومن الجدير بالذكر أن الأمن الاجتماعي يستمد مقوماته بشكل أساسي من النظام، ويتميز بالاستقرار، والاستمرارية، وأيضا الأمن الاقتصادي وهي الحالة التي يتم فيها تدبير الضمان، والحماية لأفراد المجتمع وذلك في سبيل الحصول على احتياجاتهم الأساسية.

 

كالمسكن، والملبس، والعلاج، بالإضافة إلى ضمان الحد الأدنى لمستوى المعيشة، وبالتالي تكمن أهمية الأمن الاقتصادي في تعزيز الوضع النفسي، والمادي لأفراد المجتمع، وكما هناك الأمن البيئي وهو تحقيق الحماية لمختلف الجوانب البيئية، من هواء، وماء، وغذاء، وذلك من خلال منع الاعتداءات عليها، ووضع القوانين الرادعة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمسببي هذه الاعتداءات، والتصرفات الخاطئة، مما يساهم في المحافظة على البيئة، وكما أن هناك الأمن النفسي، أو الأمن الشخصي وهو أَمن الفرد على نفسه، ويتحقق ذلك عندما يكون إشباع الحاجات مضمونا، وغير مُعرض للخطر، كالحاجات الفسيولوجية، والحاجة إلى الانتماء، والمكانة، والحاجة إلى الأمن، والحب، والمحبة، والحاجة إلى تقدير الذات، ويتحقق إشباع هذه الاحتياجات من خلال السعي، وبذل الجهد، وقد يتم تحقيقها بدون جُهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى