مقال

الدكروري يكتب عن مفهوم الأمن الغذائي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مفهوم الأمن الغذائي

بقلم / محمــــد الدكـــــروري

 

إن مفهوم الأمن الغذائي يعني مقدرة المجتمعات على توفير مختلف الاحتياجات الغذائية الأساسية لمواطنيها، وضمان تحقيق الحد الأدنى من هذه الاحتياجات، من خلال إنتاجها محليا، أو استيرادها من الخارج، وكما أن هناك أيضا الأمن القومي أي مقدرة أي دولة على تأمين انطلاق مصادر القوة العسكرية، والاقتصادية لديها، سواء كانت على المستوى الداخلي، أو الخارجي، ومقدرتها على مواجهة التحديات، والتهديدات في الداخل، والخارج في السلم، وفي الحرب، وهناك أيضا الأمن الوطني وهو تمكن الدولة بمؤسساتها الرسمية، والشعبية جميعها من تحقيق الأمن، والحماية لمختلف مواردها المادية، والمعنوية، من أي عدوان، أو تهديد خارجي، أو داخلي، بالإضافة إلى تحقيق الطمأنينة، والاستقرار بين مختلف أفراد المجتمع، وهناك الأمن الحضري وهو ما يتعلق بالسلامة الأمنية لسكان المدن، أو التجمعات الحضرية.

 

علما بأن الأمن الحضري يشمل الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وما يرتبط بالتخطيط، والتصميم العمراني لمختلف التجمعات السكانية، وإن من الأمن الأخلاقي هو تهذيب النفوس، في تحريم الزنا ومنع الخوض في أعراض الناس، وفي آداب الاستئذان، وفي فرضية الحجاب، وكذلك أمن العقيدة وسلامة القلوب لارتباطها بالله وحده ونبذ كل ما سواه والآيات القرآنية تربط الإنسان بخالقه المتصرف سبحانه في جميع الأمور، وكذلك أمن المسكن وتوفير المعيشة وتوضح ذلك آيات متعددة من كتاب الله الكريم، وأيضا الأمن الاقتصادي وحرية الحركة في الأموال بيعا وشراء، بعد أداء حق الله فيها بالزكاة والصدقة، وقد حظيت الزكاة والصدقة بتوجيهات كبيرة من القرآن الكريم والسنة المطهرة، لتهذيب النفوس وتعويدها على البذل والعطاء براحة نفس واطمئنان خاطر، وفي السر آكد لأنها أبعد عن المراءاة، وكذلك تأمين الجار ورعايته في أهله.

 

حيث كان جبريل يوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظن أنه سيورثه، وكذلك الأمن بالهجرة لمكان آخر، إذا كان المرء لا يستطيع أداء شعائر دينه، أو يجد مضايقات من أعداء دينه، وهذا هو الأمن على العبادة، ولكي يجعل الله مأمنا ومخرجا لهؤلاء المستضعفين غير القادرين على الهجرة والنجاة بأنفسهم، فإنما مما يطمئنهم أن الفئة المؤمنة مأمورة بالجهاد لتخليصهم ونصرتهم، وكذلك الأمن بالتوبة، وهذا هو أمن المصير، وراحة النفس في الدنيا بالابتعاد عن أمر يؤرق النفس ويخيفها التلبس به، وآيات التوبة في كتاب الله الكريم كثيرة ومتعددة، ويوضح نماذج من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ” لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من صاحب راحلة ضاعت منه في أرض فلاة وعليها طعامه وشرابه، فلما أيس منها نام، فاستيقظ فإذا هي واقعة بجانبه فقال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك” وكذلك أمن النفوس بمجاهدة الكفار.

 

لإظهار دين الله، ولإسعاد البشرية بتبليغه، وأيضا تأمين النفوس من التأثيرات الخفية، وحفظها من أثر ذلك كالسحر ونفثات الشيطان، كما جاء في المعوذتين وقل هو الله أحد، وآية الكرسي، ففي هذا حرز للنفس وأمان لها من المؤثرات النفسية ووساوس الشيطان واتباعه، وكذلك الرضا والقناعة بما قسم الله، حتى لا تتطلع النفس إلى ما في أيدي الناس فيكون ذلك من دواعي كفر النعم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا رأى أحدكم من فضل عليه بمال أو سلطان، فلينظر إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو فوقه فإن ذلك أجدر بشكر نعمة الله عليه” وكذلك راحة النفس بالعبادة وفي مقدمتها الصلاة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر أو أهمه قال “يا بلال أرحنا بالصلاة” كما كان من قوله صلى الله عليه وسلم “وجعلت قرة عيني في الصلاة” وكذلك والأمن بالمشورة في كل أمر، حتى يخف ما على كاهل الإنسان بإعطائه للآخرين.

 

فيشاركون في الرأي، وغير هذا من الأمور التي جعلت الشريعة الإسلامية فيها حلولا لكل ما يعترض الإنسان في هذه الحياة، حيث يجد المرء في المخارج ما يريح نفسه، ويعينه على التغلب على المشكلة التي اعترضته لأن في كتاب الله، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ما ينير الطريق، ويوضح المعالم، ويهدئ النفوس، فقال الله عز وجل ” ما فرطنا فى الكتاب من شيء” وقد وصف الله تعالى الفئة المؤمنة بآيات كريمات في مطلع سورة سميت باسمهم وهى سورة المؤمنون، أعطتهم صفاتا مطمئنة ومريحة، لأنهم في يقين ورضا، فإن الأمن هو شعور الفرد أو الجماعة بالطمأنينة، وإشاعة الثقة والمحبة بينهم، بعدم خيانة الأفراد لبعضهم البعض، والقضاء على الفساد، بإزالة كل ما يهدد استقرارهم وعيشهم، وتلبية متطلباتهم الجسدية والنفسية لضمان قدرتهم على الاستمرار في الحياة بسلام وأمان، فلا يستطيع الناس الاستقرار في معيشتهم بدون الأمن والأمان.

 

وكما تعم الاضطرابات الأمنية، ولا يستطيع الفرد أن يشعر بالأمن والسلامة على نفسه وأهله وأحبته وماله، وتتوقف بعض مظاهر العبادة كالحج، الذي يحتاج إلى توفير الأمن القومي بين الدول، لتنقّل الحجاج بسلام دون إلحاق بهم أي ضرر، وكما تنتشر الجرائم بكثرة، مثل القتل والاغتصاب وغيرها، وكما تسود الفرقة والنزاعات بين أفراد المجتمع الواحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى