مقال

الدكروري يكتب عن زعزعة الأمن في المجتمع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن زعزعة الأمن في المجتمع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من صور الفساد في المجتمع هو السحر فقد سمى الله عز وجل فاعله مفسدا، وسمى الله تعالى عمل السحرة والسحر بأنه عمل المفسدين، وذلك لما يترتب عليه من فساد الأسر والتفريق بين الزوجين وخراب البيوت، ومنها أيضا قتل النفس التي حرم الله، فقتل الأنفس المعصومة من كبائر الذنوب، ومن الإفساد في الأرض، وزوال هذه الدنيا وما فيها أهون عند الله عز وجل من قتل رجل مسلم، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ” رواه الترمذى، وإن فساد القتل ليس قاصرا على قتل نفس المسلم، بل أيضا يشمل ذلك المعاهد، والمستأمن، فإن الله عز وجل، قد حفظ له حقه، فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ” ومن الفساد أيضا زعزعة الأمن.

 

فالأمن في الأوطان مطلب كل يريده ويطلبه، فقريش أنعم الله عليها بنعمة الأمن، فأطعمها من جوع وآمنهم من خوف، وأن من يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله، فما يحصل في بلادنا إنما هو إرادة للإفساد في الأرض، وإنما حملهم على ذلك الحسد لهذه النعمة نعمة الأمن، ونعمة الاستقرار الذي ننعم فيه في هذه البلاد، لذلك نهى الله تعالى عن الفرقة والتحزب، وأمر الله بالاجتماع، ونهى عن الاختلاف، فالله عز وجل أمر بالاجتماع ونهى عن الاختلاف، فنشر الفرقة بين الناس بسبب الحسب، أو النسب، فيه فساد للمجتمع، ومن يسعى إلى نشر الفرقة بين المجتمع ويسعى إلى الإفساد فيهم يجب نصحه، وإلا حذرنا منه لأنه يسعى للإفساد في الأرض، وكذلك من الفساد هو الدعوة إلى إفساد المرأة، فهناك دعوات غربية تنادي بإفساد المرأة تحت مسمى الرقي والتحضر ومسايرة العصر.

 

والهدف منها إفساد المجتمع، فدعوة المرأة أن تعصي ربها عز وجل، وأن تفعل كما فعل نساء الكفر، فهذا أيضا من الإفساد في الأرض، وليحذر الإنسان من ذلك أشد الحذر، وليسع إلى كل أمر فيه خير وصلاح، ومن الفساد أيضا هو انتشار المعاصي والفواحش والشرك بالله، فنشر الفاحشة بين الناس، وتحبيبهم لها، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، وتعارف الناس عليها حتى أصبحت المعاصي والفواحش شيئا مألوفا، هذا بلا شك فيه فساد البلاد والعباد، فقال ابن القيم رحمه الله، في قوله تعالى فى سورة الأعراف “ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ” قال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدعاء إلى غير طاعة الله تعالى، بعد إصلاح الله لها ببعث الرسل، وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله، فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به عز وجل، هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة.

 

إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره، فالشرك والدعوة إلى غير الله تعالى وإقامة معبود غيره، ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم ليس إلا، ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك سببه مخالفة رسوله، والدعوة إلى غير الله ورسوله، وإن من أنواع الفساد هو الفساد المالي كانتشار السرقة والاختلاس والرشوة، والتربح من الوظيفة، واستغلال الجاه والسلطان والربا، والقمار ومنع الزكاة، وصور خيانة الأمانة في المعاملات المالية والإنفاق في الحرام فقد يملك الإنسان ويفسده بإنفاقه في الحرام والمهلكات والمخدرات والمسكرات.

 

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها، حيّا وميّتا، ولعقبه ” رواه مسلم، والعمرى يقال أعمرتك هذه الدار، مثلا، أو جعلتها لك عمرك أو حياتك، أو ما عشت، فيلزمه الحفاظ عليها ولعقبه بعده، ومنها تتبع العورات، فعن معاوية رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم ” رواه أبو داود وابن حبان، ومنها فساد القلوب فالقلوب مملوءة بالحقد والحسد والضغينة والبغضاء وهذا بلا شك يؤدي إلى فساد الجسد كله، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه،

 

ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى