مقال

الدكروري يكتب عن ليس المؤمن بالطعان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ليس المؤمن بالطعان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد رفع الإسلام من ظهور فجرة شعار الإنسانية، وأكد الرسول صلي الله عليه وسلم، على المعنى ذاته فقال “كلكم لآدم، وآدم من تراب” فلا تمييز ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، وتتجلى إنسانية الإسلام في إعلاء قيمة الإنسان بين سائر المخلوقات، فكرمه وفضله، مهما كان معتقده أو جنسه أو لونه، ومن الجوانب الإنسانية العظيمة التي أسس لها الإسلام، التعايش السلمي بين الناس جميعا، وأمر ببر غير المسلمين والإحسان إليهم، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال” بينما رسول الله صلى اله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما الذي أضحكك ؟ قال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته، فقال يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء فقال الله تعالى للطالب كيف تصنع بأخيك ولم يبق له من حسناته شيء ؟

 

فقال يا رب فليحمل عني من أوزارى، ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبكاء فقال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم قال فيقول الله تعالى، أى للمتظلم، ارفع بصرك فانظر في الجنان فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد ؟ قال الله تعالى هذا لمن أعطى الثمن، قال يا رب ومن يملك ذلك ؟ قال أنت تملكه قال بماذا يا رب ؟ قال بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه فيقول الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة، أخيك، ثم قال صلى الله عليه و سلم اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة ” وهذا الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والحاكم، وضعفه البخاري وابن حبان فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

 

” ومن خاصم في باطل, وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع” أى حتى يترك ذلك الذي وقَع فيه، ولذا يتعين على من جُهل عليه أن لا يقابل ذلك الجهل بمثله طاعة لله تعالى، وحذرا من الوقوعِ فيما لا يحسن ولا يجمل بالمؤمن الذي وصفه رسول الله بقوله في الحديث الذي أخرجه أحمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان والفاحش ولا البذيء” ولأنّك كما قال بعض السلف رضوان الله عليهم أجمعين، لن تعاقب من عصا الله فيك بشيء, خير, من أن تطيع الله فيه وبِذلك يكون معك من الله نصير ما دمت على ذلك، وحرى بمن لا يقابل الإساءة بمثلها ومن لا يدفع الظلم بظلمٍ, مثله أن يحظى بمعية ربه وتأييده، فاتقوا الله واسلكوا مسالك الصفوة من عباد الله في سلوك سبيل الإحسان والتجافي عن سُبل الإيذاء في كل صوره تكونوا من المفلحين الفائزين في جنات النعيم.

 

وفى تعويد الناس لطف التعبير مهما اختلفت أحوالهم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من شيء, أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء رواه الترمذى، بل إنه يرى الحرمان مع الأدب أفضل من العطاء مع البذاء، والكلام الطيِب خصلة تندرج مع دروب ومظاهر الفضل التي ترشح صاحبها لرضوان الله وتكتب له النعيم المقيم، ومن أعظم نعم الله على عبده أن اصطفاه لدينه فجعله من المسلمين، وكيف لا تكون الهداية للإسلام أعظم نعمة وهو السبيل الوحيد لدخول جنة الله، والنجاة من ناره، والفوز بنعيمه، ورؤية وجهه الكريم، والخلاص من عذابه الأليم؟ فليس على وجه الأرض دين ولا ملة، توصل إلى ذلك إلا الإسلام وحده، وما عداه من الأديان والملل فكلها أديان باطلة لم يشرعها الله ولم يأذن لأحد بالتعبد بها، ولن توصل معتنقيها إلى الجنة.

 

بل جميع من مات على تلك الأديان بعد بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقيام الحجة عليه جميعهم محرومون من جنة الله، وهم حطب جهنم هم لها واردون، فاحمد الله يا مسلم بأن جعلك الله من المسلمين، وطب نفسا بهذه النعمة، وافرح بهذه المنة، وإن مما يجب أن يعلمه كل أحد أن الإسلام والإيمان ليس بالتمني، ولكن الإسلام والإيمان عقيدة في القلوب، وأعمال ظاهرة بالجوارح، فالإسلام عقيدة، والعقيدة يصدقها القول والعمل، وإن معنى أن يكون العبد مسلما أن يكون مستسلما للإسلام بالتوحيد، فلا يعبد إلا الله، ولا يصرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله، لا يدعو غير الله، ولا يطلب جلب النفع ودفع الضر إلا من الله، يجتهد في أن تكون أعماله كلها خالصة لوجه الله، يبتغي بها رضوان الله عز وجل مبتعدا عن الشرك بجميع صوره وأشكاله، فإنه “من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى