مقال

الدكروري يكتب عن الوصول إلى التفوق في الدنيا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الوصول إلى التفوق في الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺣﺒﻬﺎ ﻳﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ، ﺛﻢ يوقع ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺎﺕ، ﺛﻢ يوقع ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ، ﻭﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﻜﺬﺑﺔ ﻷﻧﺒﻴﺎﺋﻬﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﻭﻫﻼﻛﻬﻢ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻟﻤﺎ ﻧﻬﻮﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺘﺴﺒﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، فقد ﺣﻤﻠﻬﻢ ﺣﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻭﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ، ﻓﻜﻞ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، فإذا أردت شأن الدنيا لك فيجب أن تصل إليه لا من طريق المعصية، بل من طريق الطاعة، لا من طريق الإساءة، بل من طريق الإحسان، لا من طريق الأخذ، بل من طريق العطاء، لا من طريق إيقاع الأذى بالناس بل من طريق إعطائهم حقوقهم، وبث الأمن والطمأنينة فيهم، فإنك يمكن أن تصل إلى التفوق في الدنيا من طريق الحق، ويمكن أن تصل إلى المال من الكسب المشروع ، ويمكن أن تفرغ هذه الشحنة من الشهوة التي أودعها الله فيك من طريق مشروع ، فلذلك أن تحول هذه الطاقات.

 

من طاقات مسخرة في المعاصي إلى طاقات مسخرة في الطاعات، وأن تصعد هذه الميول من ميول تؤدى خلاف منهج الله إلى ميول تسير في قنوات مشروعة أرادها الله عز وجل، والله عز وجل لم يحرم في قرآنه الكريم زينة الحياة الدنيا التي أباحها لنا، ولكن حرم علينا الطريق غير المشروع، فيمكن أن يصل الإنسان من خلال هذه الطاقات التي أودعها الله فيه، ومن خلال هذه الشهوات التي بثها الله فيه إلى ما يصبو إليه وفق المنهج الصحيح، وفق المنهج الذي يرضي الله، وهذا مصداق قول الله تعالى “ولمن خاف مقام ربه جنتان” فالتحويل أو التصعيد كلاهما بمعنى واحد، وقد أودع الله عز وجل في الإنسان حب المال وأودع فيه حب النساء وأودع فيه حب العلو في الأرض، تأكيد الذات، فهذه الميول حيادية، يمكن أن تلبى وفق الطريق المشروع، بطاعتك لله عز وجل يرفع ذكرك، بكسبك المال الحلال تتنعم به.

 

ببحثك عن زوجة صالحة تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إن غبت عنها، وتطيعك إذا أمرتها، تصل إلى هذه الشهوة من خلال المنهج الإلهي، فإذا اتجهنا إلى الله عز وجل وأقمنا أمره في حياتنا حلّ التنافس الشريف محل التفاخر المقيت، وإنه يحل العمل الصالح محل الحسد الرخيص،ويحل التنافس على الآخرة محل التنافس على الدنيا، ويحل التفاخر في معرفة الله محل التفاخر في حطام الدنيا، فالتفاخر والتنافس هذا يمكن أن يصعد إلى الدار الآخرة، ولكن يجب علينا الدعوة إلى الله و القيام بالأعمال الصالحة فعن أبي هريرة رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه فقراء المهاجرين ، فقالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور، أي الأغنياء بالدرجات العلى والنعيم المقيم ، فقال عليه الصلاة والسلام “وما ذاك ” فقال فقراء المهاجرين يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق.

 

لأننا فقراء ويعتقون ولا نعتق لأننا فقراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم ؟ فقالوا بلى يا رسول الله فقال” تسبحون، وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة” رواه البخارى ومسلم، ولنقف قليلا عند هذا التوجيه النبوي، تسبحون، لك أن تقول سبحان الله بلسانك فهل أنت مسبح ؟ لك أن تقول الحمد لله بلسانك فهل أنت حامد ؟ لك أن تقول الله أكبر بلسانك فهل أنت مكبر ؟ تسبحون حقيقة التسبيح، أي تنزهون الله عز وجل عما لا يليق به، وتمجدونه في أسمائه الحسنى، وصفاته الفضلى، أي تتعرفون إليه، وتحمدونه على كل نعمائه، ولا سيما نعمة الهدى، وتكبرونه فلا يكون في حياتكم عظيم تأتمرون بأمره وتعصون الله عز وجل فإذا سبحتم، وإذا حمدتم وإذا كبرتم فقد عرفتم ربكم، فيقول الله تعالى فى الحديث القدسي.

 

“ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء” والأبلغ من هذا إنكم إن سبحتم دعوتم إلى تسبيح الله إنكم إن كبرتم دعوتم إلى تكبير الله، وإن حمدتم دعوتم إلى حمد الله، إذا فعلتم ذروة ما في الإسلام وهو الدعوة إلى الله عز وجل، فقال تعالى ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين” فرجع فقراء المهاجرين فرحين مطمئنين، يقول عليه الصلاة والسلام “إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم” فليست الأعمال الصالحة كلها تحتاج إلى إنفاق مال، فلعل إطلاق الوجه من الأعمال الصالحة، ولعل الترحيب بالضيف من الأعمال الصالحة، ولعل إصلاح ذات البين من الأعمال الصالحة، ولعل الأمر بالمعروف من الأعمال الصالحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى