مقال

الدكروري يكتب عن أحب الكلام إلي الله تعالي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أحب الكلام إلي الله تعالي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم “أن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله هي الباقيات الصالحات، وأحب الكلام إلى الله، والتي اصطفاها لملائكته، وأن من قال كلمة منها غرست له شجرة في الجنة، فأكثروا من ذكر ربكم تبارك وتعالى في جميع الأحوال والآناء فإنه أعظم وأشرف منازل العبودية، وهو منشور الولاية الربانية، وهو قوت القلوب، وزكاة النفوس، وقوة الأبدان، به تستدفع الآفات، وبه تكشف الكربات، وتصرف البليات، ومعه تهون المصيبات، وهو راحة المؤمنين، وجنة المتقين، ومتجر المحسنين مع رب العالمين، وهو جلاء الذنوب، وزينة الألسن، ونور البصائر، وعنوان صلاح السرائر، والذكر كذلكم هو باب الله الأعظم.

 

الذي يلج منه أهل التقوى والكرم، وهو ميدان السبق، وعنوان أهل الحق، وبرهان صدق الإيمان، وديدن عباد الرحمن، وإن الذكر أنواع ثلاثة، فأولها ذكر لله بالقول، وهو ذكر الله تعالى باللسان ثناء كقول سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله، ودعاء، كسؤال الله تبارك وتعالى الحاجات من أمر الدنيا والآخرة، والاستجارة به من المصيبات والبليات ومضلات الفتن الباطنة والظاهرة، وكتلاوة القرآن، وتعلم العلم وتعليمه، والدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك من مشروع القول، وأما النوع الثاني من ذكر الله سبحانه وتعالى فهو ذكره سبحانه بالأفعال التي تعبد الله بها المكلفين كالعبادات البدنية كالصلاة والصوم ونحوهما.

 

من العبادات البدنية فعلا وتركا، وكالعبادات المالية التي يتقرب إلى الله تعالى ببذل المال فيها كالزكوات، وأنواع البِر والصدقات، والصلات والهبات، ونحوها مما يبذل لمستحقه من المساكين والأيتام، والإخوان والجيران والأرحام، وكل من له حق من أهل الإسلام، وهكذا العبادات التي يجتمع فيها فعل البدن، وبذل المال كالحج والجهاد في سبيل الله، ونحوها مما يلتمس فيه فضل الله سبحانه وتعالى ورضاه، وأما النوع الثالث من ذكر الله تعالى فهو ذكر علام الغيوب، بعلوم واعتقادات وأعمال القلوب كالعلم، والاعتقاد بأنه سبحانه ذو الذات العظيمة، والأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال الحكيمة، والأفضال العظيمة، المتنزه عن النقائص والعيوب، والشركاء والأمثال.

 

والأنداد والأكفاء، الموصوف بعظمة الشان، وعز السلطان، والفضل والإحسان، المستحق لأن يُعبد ويوحّد، ويُذل له ويُقصد، ويعظم ويُجل ويُحب، ويسترضى ويُتقى منه السخط والغضب، فيتعبد له سبحانه وتعالى بفعل ما شرع، وعلى الوجه الذي شرع، وعلى هدي نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم المرسل ليُطاع ويتبع، فيعبد سبحانه بالمحبة والرغبة، والتعظيم والرهبة، والإجلال والخوف والخشية، والتوكل عليه، وصدق الاعتماد عليه، مع الثقة به، والتوبة والإنابة، والرجاء والطمع، والإخلاص والشكر، واستحضار إحاطة علمه، ونفاذ مشيئته، وعظمة قدرته، وكمال قوته، وقربه ومعيته، ونحو ذلك من أعمال وأحوال القلوب، المؤمنة بعلام الغيوب، وهكذا يذكر العبد المنيب ربه تبارك وتعالى بفؤاده وحواسه وجوارحه.

 

فذكر القلب بالعلم بالتوحيد والحب والتعظيم والرجاء، والتسليم والاستسلام والخوف والرضاء، وذكر العينين بالنظر فيما شرع الله، وأباح النظر إليه، والبكاء، وذكر الأذنيين بحسن الإصغاء، وذكر اللسان بالبيان والدعاء والثناء، وذكر اليدين بمدهما فيما يرضي المولى جل وعلا، وذكر القدمين بمشيِهما استجابة لداعي الهدى، وبذلكم يتحقق من البدن الشكر والوفاء، ومن الله تعالى الثواب والرضاء، فهذا القلب البشري سريع التقلب، كثير النسيان، وهو أيضا قابل لأن يشع بالنور، ويفيض بالإيمان، ويضيئ كالشعاع، فإذا طال عليه الأمد بلا ذكر ولا تذكير, تبلد وقسا، وانطمس نوره وخبا، وأظلم وأعتم، إذن فلا بد من تذكير دائم لهذا القلب, حتى يلين ويخشع، ويفيض بالنور والإيمان ويونع، ولا بد من اليقظة الدائمة كي لا يطول عليه العهد فيتبلد ويقسو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى