مقال

الدكروري يكتب عن الدعاء عدو البلاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الدعاء عدو البلاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

عجبا لك ياابن آدم عندما تولد يؤذن في أذنك من غير صلاة، وعندما تموت يصلى عليك من غير أذان وعجبا لك ياابن آدم عندما تولد لا تعلم من الذي أخرجك من بطن أمك وعندما تموت لا تعلم من الذي أدخلك إلى قبرك” وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفي الحديث من الفوائد، هو استدفاع البلاء بذكر الله وأنواع طاعته” وإن الدعاء من أقوى الأدوية لدفع البلاء قبل نزوله، فقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله،

 

الدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله” وقال رحمه الله “الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله، وإما لحصول مانع من الإجابة من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة، والسهو واللهو وغلبتها عليه، أو يستعجل الدعاء، ويستبطئ الإجابة، فيتحسر ويدع الدعاء، وإذا جمع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة.

 

وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي الرب، وذلا له، وتضرعا ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل إليه بأسمائه، وصفاته وتوحيده، وقدم بين دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يُرد أبدا، وخصوصا إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم” وعجبا لك ياابن آدم عندما ولدت تغسل وتنظف وعندما تموت تغسل وتنظف وعجبا لك ياابن آدم عندما تولد لاتعلم من فرح واستبشر بك.

 

 

وعندما تموت لاتعلم من بكى وحزن عليك، وعجبا لك ياابن آدم في بطن أمك كنت في مكان ضيق ومظلم وعندما تموت تكون في مكان ضيق ومظلم وعجبا لك ياابن آدم عندما ولدت تغطى بالقماش ليستروك وعندما تموت تكفن بالقماش أيضا ليستروك، وعجبا لك يا ابن آدم عندما ولدت وكبرت يسألك الناس عن شهاداتك وخبراتك وعندما تموت تسألك الملائكة عن عملك الصالح فماذا أعددت لآخرتك ؟ فاتقوا الله تعالى في السراء والضراء، فسبحانه وتعالي يقول كما في سورة البقرة ” واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” واعلموا أن الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد، فلا إيمان لمن لا صبر له، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر.

 

وبالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور، والصبر من مقامات الأنبياء والمرسلين، وحلية الأصفياء المتقين، وإن من خلال الآيات والأحاديث استنبط أهل العلم أن للصبر ثلاثة أقسام، وهو صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فأول أنواع الصبر هو الصبر على طاعة الله وهو أن يلزم الإنسان نفسه طاعة الله وعبادته ويؤديها كما أمره الله تعالى، وأن لا يتضجر منها أو يتهاون بها أو يدعها، فإن ذلك عنوان هلاكه وشقائه، ومتى علم العبد ما في القيام بطاعة الله من الثواب هان عليه أداؤها وفعلها، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء، وأما النوع الثاني فهو الصبر عن معصية الله بأن يمنع الإنسان نفسه عن الوقوع فيما حرم الله عليه مما يتعلق بحق الله أو حقوق عباده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى