مقال

الدكروري يكتب عن استدفاع البلاء بالذكر والدعاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن استدفاع البلاء بالذكر والدعاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الإمتحان والاختبار هو المراد من التمليك المؤقت لما أعطاك ربك، وجعل كل ما في الدنيا أداة من أدوات الامتحان، ولأن الامتحان هو المقصود من الحياة فإن الله لم يرغم الناس على عبادته بل استخلفهم على الأرض، وأرسل إليهم رسلا ورسالات، وطلب منهم أن يخضعوا لأمره، وأن يطيعوه ويعبدوه باختيارهم، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “قال الطيبي أمروا باستدفاع البلاء بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة” وقال العلامة ابن القيم رحمه الله “النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الكسوف بالصلاة والعتاقة والمبادرة إلى ذكر الله تعالى والصدقة فإن هذه الأمور تدفع أسباب البلاء” فعلى العبد أن يحرص على أداء العبادات التي جاءت النصوص بأنها تدفع البلاء ومنها الصلاة بخشوع وطمأنينة.

 

فعن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما قالت “خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال”إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا للصلاة” متفق عليه، وقال الإمام النووي رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم ” فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة” وفي رواية ” فصلوا حتى يفرج الله عنكم” ومعناه بادروا بالصلاة وأسرعوا إليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذي يخاف كونه مقدمة عذاب” ولننظر إلى الصبر وتحمل المسئولية فقيل أنه في احدى الليالي كان عمر بن الخطاب يدور حول المدينة ليتفقد احوال الرعية.

 

فرأى خيمة لم يرها من قبل فأقبل نحوها متسائلا ما خبرها فسمع انينا يصدر من الخيمة فازداد همّه ثم نادى فخرج منها رجل, فقال من انت ؟ فقال انا رجل من احد القرى من البادية وقد اصابتنا الحاجة فجئت انا واهلي نطلب رفد عمر فقد علمنا ان عمر يرفد ويراعي الرعية، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وما هذا الانين؟ قال هذه زوجتي تتوجع من الم الولاده، فقال وهل عندكم من يتولى رعايتها وتوليدها؟ قال لا انا وهي فقط، فقال عمر وهل عندك نفقة لإطعامها؟ قال لا، قال عمر انتظر انا سآتي لك بالنفقة ومن يولدها، وذهب عمر بن الخطاب الى بيته وكانت فيه زوجته السيدة ام كلثوم بنت علي بن ابي طالب، فنادى يا ابنة الاكرمين هل لك في خير ساقه الله لك؟ فقالت وما ذاك؟

 

قال هناك مسكينة فقيرة تتألم من الولادة في طرف المدينة، فقالت هل تريد ان اتولى ذلك بنفسي؟ فقال قومي يا ابنة الاكرمين واعدي ما تحتاجه المرأة للولادة ، وقام هو بأخذ طعام و لوازم الطبخ وحمله على رأسه وذهبا، وقد وصلا الى الخيمة ودخلت السيدة ام كلثوم لتتولى عملية الولادة، وجلس عمر بن الخطاب مع الرجل خارج الخيمة ليعد لهم الطعام، وخرجت ام كلثوم من الخيمة تنادي، يا أمير المؤمنين اخبر الرجل ان الله قد اكرمه بولد وان زوجته بخير، فعندما سمع الرجل منها يا امير المؤمنين تراجع الى الخلف مندهشا فلم يكن يعلم ان هذا عمر بن الخطاب، فضحك عمر وقال له اقرب، أقرب، نعم انا عمر بن الخطاب والتي ولدت زوجتك هي ام كلثوم ابنة علي بن ابي طالب.

 

فخرّ الرجل باكيا وهو يقول آل بيت النبوة يولدون زوجتي؟ وامير المؤمنين يطبخ لي ولزوجتي؟ فقال عمر خذ هذا وسآتيك بالنفقة ما بقيت عندنا، وإن من تأمل بعين العبرة والبصيرة، في حال الناس هذه الأيام، وما هم فيه من امتحانات ومحنة، وكلهم ينتظر انفراج هذه الأيام وانتهائها، وإن من تأمل ذلك علم أن هذه الدنيا لا يستقر حالها على سعة ورخاء دائم، وإنما هي ابتلاء وامتحان، وفرج وشدة، وكل إنسان في هذه الدنيا تمر به محن وبلايا، ومصائب ورزايا، بينما هو في رخاء إذ نزلت به شدة، وبينما هو في عافية وسعة إذ فجأه مرض وسقم، أو لعله كان في سعة رزق ورخاء ثم يبتلى بفقر مدقع أو دين مضلع، آلام تضيق بها النفوس، ومزعجات تورث الخوف والجوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى