مقال

الدكروري يكتب عن وصية الرسول بالجار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وصية الرسول بالجار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن تعاون الجيران فيما بينهم، والتنازل للجار عن بعض الحقوق، وهي صورة من صور الإحسان إلى الجار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبةً في جداره” رواه البخاري ومسلم، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه “مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمينّ بها بين أكتافكم” ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنع جاره أن يغرز خشبةً في داره، فالحديث يشير إلى تعاون الجيران فيما بينهم، والتنازل للجار عن بعض الحقوق التي تنفعه ولا تضر بالمتنازل، وأن هذا التعاون مظهر من مظاهر الأخوة الإسلامية وتكامل المجتمع المسلم، فعندما سأل هرقل أبا سفيان، فقال له بما يأمركم؟ فقال أبو سفيان “يأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء”

 

وكان الصحابة الكرام يقومون بحق الجار حتى مع الكفار، فكانوا من أحرص الناس على إكرام الجار، وإن كان غير مسلم، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما “أنه ذبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ قلنا لا، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه” رواه الترمذي، وإن من صور إحسان الجار إلى الجار هو تعهّده بالهدية بين الحين والآخر، فالهدية إلى الجار طريق إلى المحبة والألفة، وهي تأسِر القلب وتملك الفؤاد ولذلك جاءت الأحاديث مصرّحةً بذلك، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذر، إذا طبختَ مرقةً، فأكثِر ماءها، وتعاهد جيرانك” رواه مسلم.

 

وفي رواية قال أبو ذر رضي الله عنه “إن خليلي أوصاني إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “والله، إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال قلت يا خالة، فما كان يعيّشكم؟ قالت الأسودان التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منا منائح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها، فيَسقيناه” رواه البخاري ومسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، وابن السبيل، أو جار فقير يُتصدّق عليه، فيهدي لك أو يدعوك”

 

فمن الإحسان أن تهدي إلى جيرانك ولو شيئا يسيرا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول “يا نساء المسلمات، لا تَحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة” رواه البخاري ومسلم، وأن المعنى هو لا تَحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئا، ولو أنها تهدي إليها ما لا ينتفع به في الغالب” وإنه على الجار أن يعطي جاره ولو شيئًا يسيرا ويبدأ بالجار الأقرب فالأقرب، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال صلى الله عليه وسلم “إلى أقربهما منك بابا” رواه البخاري، وإن الحكمة في ذلك أن الأقرب بابا يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها، فيتشوف إليها، بخلاف الأبعد، ويستفاد من الحديث هو استحباب إهداء شيء من الطعام إلى الجيران.

 

وتبادل الهدية مع الجار، وتقديم الأقرب فالأقرب، إذا لم يقدر على الإحسان إلى الجميع” ورُوي عن سفيان الثوري، أنه قال “عشرة أشياء من الجفاء، أولها رجل أو امرأة يدعو لنفسه، ولا يدعو لوالديه والمؤمنين، والثاني هو رجل قرأ القرآن، ولا يقرأ في كل يوم مائة آية، والثالث هو رجل دخل المسجد وخرج، ولم يصل ركعتين، والرابع هو رجل يمر على المقابر، ولم يسلم عليهم، ولم يدعو لهم، والخامس هو رجل دخل مدينة في يوم جمعة، ثم خرج ولم يصل الجمعة، والسادس هو رجل أو امرأة نزل في محلتهما عالم، ولم يذهب إليه أحد ليتعلم منه شيئا من العلم، والسابع هما رجلان ترافَقا ولم يسأل أحدهما عن اسم صاحبه، والثامن هو رجل دعاه رجل إلى ضيافة، فلم يذهب إلى الضيافة، والتاسع هو شاب يضيع شبابه وهو فارغ، ولم يطلب العلم والأدب، والعاشر هو رجل شبعان وجاره جائع، ولا يعطيه شيئا من طعامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى