مقال

الدكروري يكتب عن الصبر على قدر البلاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصبر على قدر البلاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الصبر على قدر البلاء، فلا يمكن أن يبتلي الله تعالى عبدا ببلاء لا يستطيع أن يصبر عليه، وأنه مستحيل أن يكلف عبدا من البلاء ما لا يطيق، وهذا ما ورد عن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله عز وجل ينزل المعونة على قدر المئونة، وينزل الصبر على قدر البلاء” رواه البزار، فيا أيها المريض يا من ابتليت بالمرض، ابتليت في دمك فعذبت وتألمت، ابتليت في جسدك فأصابك المرض الذي يؤذي ويؤلم، ويوجع، لا تشكو الله إلى زوّارك، وإنما احمد الله على السراء والضراء، ويا أيها المريض ما أصابك لم يكن ليخطئك، فلنستمع إلى ما ورد عن أبى هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال الله تبارك وتعالى إذا ابتليت عبدى المؤمن فلم يشكنى إلى عواده”

 

أي إلى زواره الذين يزورونه، لم يتسخط، لم يشعر بضعف الصبر، “أطلقته من إسارى ثم أبدلته لحما خيرا لحمه، ودما خيرا من دمه، ثم يستأنف العمل” رواه الحاكم، وقال شارح الحديث المناوي رحمه الله، أى يكفر المرض عمله السيئ، فلا يبقي عليه سيئة، ويخرج منه كيوم ولدته أمه، ثم يستأنف، أي كأنه ولد الآن، يأتي بعمل جديد، وذلك لأن العبد لـما تلطخ بالذنوب ولم يتوب، طهّره الله من الدنس بتسليط المرض، فلما صبر ورضي، أطلقه من أَسره، بعدما غفر له ما كان من ذنبه و إصره، ليصلح لجواره بدار إكرامه، فبلاؤه نعمة، وسقمه مِنة، ونحن نجد اليوم أن الأمور كلما اقترب أمل في انقشاع الوباء عاد مرة أخرى، الكلام عنه في العالم أجمع، ليس هنا فقط، في العالم في مشرقه ومغربه، وكلما ازداد الأمر شدة اقتربنا من الفرج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا” رواه الحاكم، وقد قال سبحانه وتعالى فى سورة الزمر ” قل يا عبادى الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعه إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” فإن كل الأعمال الأخرى بحساب، الحسنة بعشر أمثالها، لكن هناك صبر، هذا يوفى بغير حساب، لذلك الصائمون لأنهم صابرون فيوفون أجورهم بغير حساب، فانتظار الفرج من الله عز وجل وحده ليس من الناس، ولا من اللقاحات الجديدة، ومن الأدوية بل ننتظر الفرج من الله، هذا الانتظار عبادة، ومن رضي بالقليل من الرزق رضي الله عز وجل منه بالقليل من العمل، واليسر ملازم للعسر، واليسر ليس بعد العسر، اليسر مع العسر، بل كل عسر معه يسران، لذلك قال بعض السلف.

 

“لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه” ليس بعده، لا بل يدخل معه، فأبشروا يا عباد الله أنتم في عسر بل أنتم في يسر، اليسر أقرب إلينا من حبل الوريد، ألم تسمعوا إلى قول الله، عز وجل فى سورة الشرح ” فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا” فإن تعني أن العسر واحد، وبدون أل مع يسر، واليسر جاء بدون أل، يعني يسر نكرة تفيد كثرة اليسر إن شاء الله، فالفرج قريب، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، وكونوا مع الصابرين، فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، والصبر حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن معصية الله، وحبسها عن التسخط من أقدار الله، وما أعطي الإنسان عطاء خيرا، وأوسع من الصبر، فإذا صبر الإنسان نفسه على طاعة الله، وثابر عليها صارت غريزة له وطبيعة يفرح بفعلها، ويغنم لفقدها، وإذا صبر نفسه عن المعصية تعودت ترك المعاصي.

 

وصارت المعاصي مكروهة لديه وبغيضة عنده يفرح بفقدها، ويغتم لوجودها حتى يوفق للتوبة منها، وإذا صبر نفسه عن التسخط من أقدار الله صار راضيا مطمئنا بما قدره الله عليه إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له فالإنسان يصاب بمصيبة في نفسه، ومصيبة في أهله، ومصيبة في ماله، ومصيبة في أصحابه، ومصيبة في نواح أخرى، فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج من الله صارت المصائب تكفيرا لسيئاته، ورفعة في درجاته، وقد وردت الآيات، والأحاديث الكثيرة في ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها، وقال صلى الله عليه وسلم لامرأة من الصحابيات “أبشري فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الحديد والفضة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى