مقال

الدكروري يكتب عن الأمة الإسلامية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأمة الإسلامية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأمة الإسلامية هي الجديرة، بأن تسمى أمة لما يربط بين أفرادها بعضهم البعض، ومجتمعاتها بعضها البعض من الروابط والقوى التي منشأها الدين الإسلامي والأمة هي المجموعة من الناس تربط بينها آصرة العقيدة وهي جنسيتها وإلا فلا أمة، لأنه ليست هناك آصرة تجمعها والأرض، والجنس، واللغة والنسب، والمصالح المادية القريبة لا تكفي واحدة منها، ولا تكفي كلها لتكوين أمة إلا أن تربط بينها رابطة العقيدة، وليس أدل على هذا القول من قوله تعالى “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وكان المسجد مدرسة للأطفال، فلم يكن المسجد مقصورا على الذين تجب عليهم الصلاة شرعا من الرجال بل لقد حرص الإسلام على رعاية الأطفال أيضا.

 

فلقد كانوا يأتون المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يرعى شئونهم ويتلطف بهم، وكان يجوز في صلاته أي يقصر إذا سمع بكاء الصبيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه” ومن هنا نرى جواز حضور النساء الصلاة في المسجد، والجلوس لسماع الخطب والوعظ والإرشاد وتلقي علوم الدين وتعاليمه، وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال”إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها” وكما خصص الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء دروسا خاصة، وخاصة في العيدين حيث يكون جزء من الخطبة موجها لوعظ النساء وإرشادهن.

 

وذلك لاستحباب خروجهن مع الأطفال في صلاة العيد، ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد بمثابة مكتب للخدمة الاجتماعية، وجميع التبرعات، ومعاونة المحتاجين، إلى جانب أداء الصلاة فيه، وإذا كانت المؤسسات الاجتماعية فى هذه الأيام تبذل قصارى جهدها للاهتمام بالفئات التي تحتاج إلى الرعاية والعناية الاجتماعية، من المعوقين والفقراء والمعوزين والمرضى، والغرباء واليتامى ممثلة في دور الرعاية الاجتماعية، فإننا نرى المسجد النبوي، قبل خمسة عشر قرنا من الزمان كان يقوم بهذا الدور على أكمل وجه، كما كان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم مقام الجمعيات الخيرية في جمع الزكاة والصدقات من الموسرين والمنفقين، وتوزيعها على الفقراء والمساكين.

 

وغيرهم من مستحقي الزكاة، ولقد وُجدت في مؤخرة المسجد أهل الصفة، فكان يأوي إليها الغرباء والمعدمون، ويجدون فيها الطعام والشراب والكساء والمبيت، كما كانت أهل الصفة هذه مكان لإقامة الذين حبسوا أنفسهم لطلب العلم، ولقد كانت الخطبة التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في المسلمين، والتي يهيب فيها بالمسلمين التبرع، ومساعدة المحتاجين، ولم يتأخر أحد في تقديم ما جادت به نفسه استجابة لمطلب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تكن هذه الخطبة إلا واحدة من مثيلاتها في التأثير والاستجابة في مختلف شئون الحياة الاجتماعية والدينية والأخلاقية، ومن هذا نجد مبدأ التكافل الاجتماعي يتخذ طريقا له في المجتمع الإسلامي من خلال المنبر بشكل لا يتحقق فيها لو كان في مكان غير المسجد.

 

ولهذا بقيت المجتمعات المسلمة قوية متماسكة في ظل مختلف الظروف، حتى بعد أن اندثرت الدولة، وانهارت النظم الإدارية التي كانت تنظم للناس أمور معاشهم لأن كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي يحمل في أعماق روحه روح الجماعة التي تفرض عليه مد يد العون لأخيه المسلم دون أن يسأله من هو؟ أو من أين؟ أو ما إلى ذلك، بل يسارع إلى تفريج كربته لأنه يعلم أنه يدين بعقيدة التوحيد مثله سواء بسواء، ومن هنا جاءت عظمة هذا الدور الذي قام به المسجد وقيل إن النظام الاجتماعي الإسلامي قد انبثق من العقيدة الإسلامية، وتكيف وجوده بالشريعة الإسلامية، يجب أن يظل دائما خاضعا في نموه وتجديده للأصل الذي انبثق منه، وللشريعة التي كيفت وجوده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى