مقال

الدكروري يكتب عن الرعيل الأول ومكارم الأخلاق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرعيل الأول ومكارم الأخلاق

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

لقد قيل أن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه اشترى أرضا من رجل، فتأخر الرجل عن أخذ ماله، فلقيه عثمان، فقال مالك، تأخرت عن قبض مالك، قال له الرجل إنك غلبتني، ما لقيت رجلا من الناس إلا وهو يلومني على أن بعتك هذه الأرض بهذا الثمن، فقال عثمان الحيي رضي الله تعالى عنه وأرضاه أو ذاك، قال نعم هو ذاك، قال فأنت بالخيار، إن شئت أرضك خذها، وإن شئت مالك فخذه، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن الله أدخل رجلا الجنة سهلاً بائعا، وسهلاً مشتريا” وقيل أراد حسان بن سعيد المخزومي أن يبني جامعا، فأتته امرأة بثوب لتبيعه، وتنفق ثمنه في بناء ذلك الجامع.

 

وكان الثوب لا يساوي أكثر من نصف دينار، فطيب خاطرها، واشتراه منها بألف دينار، وخبأ الثوب كفنا له، وكان القعقاع بن ثور إذا قصده رجل وجالسه، جعل له نصيبا من ماله، وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكرا، فاتقوا يوما لا يجزي والد عن ولده، ذلك يوم الحشر، أوله أن يحشر الناس من أقطار الأرض إلى الشام، والله أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم في المدينة لأول الحشر في الشام، تمهيدا للحشر الأعظم الذي يكون يوم الدين، فيحشر الناس جماعات، فيقول الله عز وجل فى سورة الزمر ” وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا” وكذلك ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا”

 

أما أهل النار، فيساقون بدفع وإهانة، وينهرون نهرا غليظا، تسوقهم الملائكة في ذلك اليوم، فيساقون إلى جهنم جماعات مع أشباههم ونظرائهم، وهكذا حتى يردون جهنم عطاشا، ويساق أصحاب الكبائر معا، فالزاني مع الزناة، والمرتشي مع المرتشين، والسارق مع السرّاق، وهكذا الكذاب مع الكذابين، فيقول الله تعالى فى سورة الصافات “احشروا الذين ظلموا وأزواجهم” أى نظرائهم، وأشباههم، ومن هو على شاكلتهم، يساقون إلى النار سوقا، وما هي من الظالمين ببعيد، ويساقون، سوق البهائم مشاة، عطاشا، فيقول تعالى فى سورة مريم ” يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا”

 

ومعنى وردا أي عطشانين، ويحشرون على وجوههم إذلالا لهم، كما قال الله عز وجل فى سورة الفرقان ” الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ” ويقول الله عز وجل فى سورة الملك ” أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم” وقد تعجب بعض الصحابة من هذا، فقال قائلهم يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة، ويكون ذلك الحشر بالصورة المنكرة من العمى، والصمم، والبكم، فيقول تعالى فى سورة الإسراء ” ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ” فيُسعر عليهم العذاب ويزاد.

 

وسيق المجرمون وهم عراة إلى ذات المقامع والنكال، فنادوا ويلنا ويلا طويلا وعجوا في سلاسلها الطوال، فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بحر النار صال، وهناك أناس يجمعهم الله تعالى في وفد مكرمين إلى الجنة تكون معهم الملائكة، فيقول تعالى ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا” فهم مكرمون بهذا الوفد، وهذا السوق، فقال تعالى ” ولمن خاف مقام ربه جنتان” وهذا لا يكون إلا لمن نهى نفسه عن الهوى، وألزمها طاعة الله،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى