مقال

الدكروري يكتب عن صدق الصحابة الكرام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صدق الصحابة الكرام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن في عصر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان يبين لصحابته الكرام الأحكام الشرعية، سواء بطريقة مباشرة منه، أو يترك لهم الاجتهاد في حضرته ويقره لهم، وفي غير حضرته وعرض عليه فأجازه، لكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ الصحابة في الاجتهاد بما لم يرد فيه نص ولا إجماع، وكذلك فتاوى المجتهدين من التابعين رحمهم الله فظهر ما يعرف بفقه الصحابة والتابعين، وأهم ما يميز فقه الصحابة والتابعين، هو النهي عن البحث فيما لم يقع من حوادث حتى تقع، وكذلك تجنب كثرة السؤال، وكذلك البعد عن الاختلاف والتفرق في الدين، وكذلك رد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، ولو تجاوزنا العرض التاريخي لننتقل الى تأسيس المذاهب الفقهية.

 

التي ورثت مدرسة الصحابة والتابعين حيث عمل اصحاب الأئمة الاربعة على استخلاص اصول مذاهبهم والبناء عليها, اما مباشرة كما هو الحال في مذهب الامام مالك والشافعي او من خلال فروعهم الفقهية وأجوبتهم وتقريرات تلاميذهم كما هو الحال بالنسبة للامام ابي حنيفة واحمد, وكان مما اسس وعمل به هي تلك الاصول والطرائق التي تعالج من خلالها الاقوال, حيث وضعوا موازين تحاكم اليها الاقوال ويميز بينها, وهو ما يعرف بالتصحيح المذهبي وله انواع من اعلاها وارفعها التصحيح بالدليل, ومنها التصحيح من خلال قواعد المذهب واصوله, الى انواع تصل الى ستة أمور، وهذا يوضح لنا تفاوت حضور اقوال الصحابة والتابعين في كتب المذاهب الفقهية.

 

حيث تمثلت الائمة اقوال الصحابة والتابعين حتى اصبحت اقوالهم عين اقوال الائمة كما تجاوز علماء المذاهب من خلال قواعد التصحيح عندهم كثيرا من الاقوال التي ظهر مخالفتها للدليل او لم تصح نسبتها الى قائلها او بني الامر فيها على ترجيح قول على اخر، إذن احتوت المذاهب الفقهية جملةَ ما ورد عن الصحابة والتابعين وعالجت هذه الاقوال فبينت ضعيفها من سقيمها، بل ميزوا بين الاقوال فقدموا الاقوى على ما هو دونه، وهذه من ميزات المذاهب وحسناتها التي تشهد بها الامة حيث بني الفقه الاسلامي على اصح الاقوال واقواها فخرّجت على هذه الاقوال كثير من المسائل مما اورها قوة واصالة تعين على استمرارها وبقائها، وإن من الصحابة المشهورين بالصدق هو الصحابى الجليل.

 

كعب بن مالك رضى الله عنه فقد قال حين تخلف عن تبوك “والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا أكون كذبت فأهلك كما هلك الذين كذبوا حين أنزل الوحي ” سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون ” رواه البخارى، وعن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب بن مالك لما عمي قال “سمعت كعب بن مالك يحدث فينا حين تخلف عن قصة تبوك فقال والله ما أعلم أحدا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومي هذا كذبا أبدا” رواه البخاري ومسلم.

 

وإن من مجالات الصدق، هو الصدق في الأفعال، وهو استواء الفعل على الأمر والمتابعة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أمر، كاستواء الرأس على الجسد، وهو أن تصدق السريرة العلانية، حتى لا تدل أعمالهم الظاهرة من الخشوع ونحوه على أمر في باطنه، والباطن بخلافه، فالمراءون أعمالهم الظاهرة بخلاف بواطنهم، فلذلك ليسوا بصادقين في أعمالهم، بل هم من الكذابين، وإذا استوت علانية العبد وسريرته قال الله تعالى هذا عبدي حقا، والأعمال منها ما يكون أعمال قلب ومنها ما يكون أعمال جوارح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى