مقال

الدكروري يكتب عن خلق السماوات والأرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خلق السماوات والأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من آيات الله عز وجل وقدرتة وحكمتة هو خلق السماوات والأرض، فمن نظر إلى السماء في حسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها عرف بذلك تمام قدرته تعالى، ومن نظر إلى الأرض كيف مهدها الله وسلك لنا فيها سبلا وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها ويسرها لعباده فجعلها لهم ذلولا يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقه فيحرثون ويزرعون ويسخرجون منها الماء فيسقون ويشربون وكيف جعلها الله تعالى قراراً للخلق لا تضطرب بهم ولا تزلزل بهم إلا بإذن الله تعالي، مختلفة في ذاتها وصفاتها ومنافعها وفي الأرض جنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل فمن تأمل ذلك علم كمال قدرة الله تعالى ورحمته بعباده

 

ومن آياته ما بث الله تعالى في السماوات والأرض من دابة ففي السماء ملائكته لا يحصيهم إلا الله تعالى ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله تعالى أو راكع أو ساجد يطوف منهم كل يوم بالبيت المعمور في السماء السابعة سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا يحصى أجناسه فضلاً عن أنواعه وأفراده هذه الدواب مختلفة الأجناس والأشكال والأحوال فمنها النافع للعباد الذي به يعرفون كمال نعمة الله عليهم ومنها الضار الذي يعرف الإنسان به قدر نفسه وضعفه أمام خلق الله وهذه الدواب المنتشرة في البراري والبحار تسبح بحمد الله وتقدس له وتشهد بتوحيده وربوبيته، وكل هذه الدواب رزقها على خالقها وبارئها.

 

ومن آياته تعالى الليل والنهار الليل جعله الله تعالى سكناً للعباد يسكنون فيه وينامون ويستريحون والنهار جعله الله تعالى معاشا للناس يبتغون فيه من فضل الله تعالي، ومن آيات الله تعالى الشمس والقمر حيث يجريان في فلكهما منذ خلقهما الله تعالى حتى يأذن بخراب العالم يجريان بسير منتظم لا تغير فيه ولا انحراف ولا فساد ولا اختلاف، ومن آياته تعالى هذه الكواكب والنجوم العظيمة التي لا يحصيها كثرة ولا يعلمها عظمة إلا الله تعالى فمنها السيارات ومنها الثوابت ومنها المتصاحبات التي لا تزال مقترنة ومنها المتفارقات التي تجتمع أحيانا وتفترق أحيانا تسير بأمر الله تعالى وتدبيره زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدي بها فالكون كله من آيات الله جملة وتفصيلا هو الذي خلقه.

 

وهو المدبر له وحده لا يدبر الكون نفسه ولا يدبره أحد غير الله عز وجل، نعم فالعالم لم يخلق نفسه ولم يكن مخلوقا من غير شيء بل لا بد له من خالق يخلقه ويقوم بأمره وهو الله سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه أيها الناس لو حدثتم بقصر مشيد مكتمل البناء قد بنى نفسه لقلتم هذا من أكبر المحال ولو قيل لكم إن هذا القصر وجد صدفة لقلتم هذا أبلغ محالا إذن فهذا الكون الواسع كون العالم العلوي والعالم السفلي لا يمكن أن يوجد نفسه ولا يمكن أن يوجد صدفة بلا موجد بل لا بد له من موجد واحد عليم قادر وهو الله سبحانه وتعالى، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع.

 

والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ قول الحق سبحانه وتعالي من سورة الزمر”وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينة” رواه البخاري ومسلم، وإن من عصى الله وخالف أمره لم يقدر الله حق قدره، ومن نفى عن الله صفاته أو شبهه بخلقه ما قدر الله حق قدره، ومن دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب ما قدر الله حق قدره، وإن من أطاع بشرا في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ما قدر الله حق قدره، ومن هجر كلام الله تعالي فلم يقرأه ولم يتدبره ولم يعمل به ما قدر الله حق قدره.

 

ومن أحدث حدثا في دين الله ما قدر الله حق قدره، ومن ظلم الناس في أموالهم أو أعراضهم ما قدر الله حق قدره، ومن أكل أموال الناس بالباطل ما قدر الله حق قدره، ومن لم يحافظ على الصلوات والعبادات وسائر الطاعات ما قدر الله حق قدره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى