مقال

الدكروري يكتب عن الحياء والإيمان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحياء والإيمان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

من قوي حياؤه صان عرضه ودفن مساوءه ونشر محاسنه وكان ذكره عند الناس محمودا وعند الله مرفوعا، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره وظهرت مساوئه، ودُفنت محاسنه وكان عند الناس مهانا وعند الله ممقوتا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر ” رواه الحاكم ، وروى البخاري من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فافعل ما شئت ” وفي رواية ” فاصنع ما شئت” وكما يستحي المسلم من الخلق فلا يكشف لهم عورة ولا يقصّر لهم في حق ولا ولا ينكر لهم معرفا فإن عليه أن يستحي من الخالق سبحانه وتعالى فلا يقصّر في طاعته ولا في شكر نعمته.

 

لما يرى من قدرة الله عليه وعلمه به فالله أحق أن يستحيا منه، ومن استحيا من الله حق الحياء حفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وذكر الموت والبلى، وترك زينة الحياة الدنيا، وشكر نعمة الله عليه وأدرك عظمته واطلاعه عليه وإحاطته بعباده وقربها منهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، ثم رجع على نفسه فحاسبها على التقصير فلا يراه الله حيث نهاه ولا يفقده حيث أمره، وصور تكريم الله تعالى للإنسان كثيرة وكثيرة جدا، ومن أراد أن يعرف صور التكريم لهذا الإنسان عليه أن يرجع للقرآن العظيم، ولسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فمن صور تكريم الله تعالى للإنسان، هو خلق الله تعالى الإنسان بيديه، ومن تكريم الله تعالى للإنسان، أن الله تعالى نفخ فيه من روحه.

 

وأسجد له ملائكته، ومن تكريم الله تعالى للإنسان، أن الله تعالى علمه، وتكريم الله تعالى للإنسان، أن الله تعالى خلق له الكون من سماوات وأرض قبل خلقه، ثم جعلها مسخرة له، ومن تكريم الله تعالى للإنسان، أن جعله الله تعالى خليفة له في الأرض، ومن تكريم الله تعالى للإنسان، أنه حرم الاعتداء عليه وهو جنين في بطن أمه، وفرض عقوبة على عاقلة القاتل وكفارة عليه، فجعل غرة على عاقلة من قتله، وهي نصف عُشر الدية، أي ما يعادل قيمة خمسة جمال، وصيام شهرين كفارة على جنايته، وتكريم الله تعالى للإنسان، أنه حرم على الإنسان أن يقتل نفسه، لأن نفسه ليست ملكا له بل هي ملك لله تعالى، فمن قتل نفسه حرم الله تعالى عليه الجنة، وجعله في نار جهنم خالدا مخلدا فيها، وتكريم الله تعالى للإنسان.

 

أنه حرم على الإنسان أن يدعو على نفسه لضُر مسه، وتكريم الله تعالى للإنسان، أنه أخر إقامة الحد على جان، رعاية لحق الغير، ولقد أخر النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إقامة الحد على المرأة الغامدية، بعد أن ردها، وذلك رعاية للجنين الذي حملت به من سفاح، فالإسلام يرعى الإنسان ولو كان الحمل من حرام، لأنه صنعة الله تعالى وخلقه، والإسلام الذي عرف قيمة الإنسان، وخاصة إذا لم تقترف يده جريمة، وهذا هو الإسلام الذي قبل التائب فجعله كمن لا ذنب له، حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على من أقام عليها الحد، وتكريم الله تعالى للإنسان، أن أول ما يُقضى به بين العباد في الدماء، وأنتم تعلمون أن حقوق العباد مبنية على المشاحة.

 

وحقوق الله تعالى مبنية على المسامحة، فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ” أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء” رواه البخاري ومسلم، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ” أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة” رواه أحمد، ومما لا شك فيه من ضيع حقوق الله تعالى، فهو لحقوق العباد أضيع، ومن يحافظ على حقوق العباد، فهو على حقوق الله تعالى أحفظ، فماذا يقول العبد لمولاه يوم القيامة إذا كان مضيعا الصلاة وهي حق الله تعالى، وكانت يده ملطخة بدماء الأبرياء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى