مقال

الدكروري يكتب عن الكرب والبلاء عند الموت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الكرب والبلاء عند الموت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أهل الهوي وأهل الدنيا الذين ابتعدوا عن طريق الله عز وجل ومنهم أهل المعازف والغناء، لهم عند الموت كربة وبلاء، فقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن رجلا من أهل الغناء والمعازف حضرته الوفاة، فلما اشتد به نزع روحه، قيل له قل لا إله إلا الله، فجعل يردد أبياتا من الغناء فأعادوا عليه التلقين قل لا إله إلا الله، فجعل يردد الألحان من الغناء، حتى خرجت روحه من جسده، وهو إنما يلحّن ويغني، أما أهل الجريمة الكبرى والداهية العظمى، فهم أنصار الشيطان وأعداء الرحمن، وخصوم المؤمنين وإخوان الكافرين، الذين يحشرون مع فرعون وهامان، ويتقلبون معهم في النيران، هم تاركو الصلاة، وبين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة، وحالهم عند الموت وبعده أدهى وأفظع.

 

وقد ذكر الإمام ابن القيم أن أحد المحتضرين كان صاحب معاص وتفريط، فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكرونه بالله ويلقنونه لا إله إلا الله، وهو يدافع عبراته فلما بدأت روحه تنزع صاح بأعلى صوته وقال أقول لا إله إلا الله، وما تنفعني لا إله إلا الله ؟ وما أعلم أني صليت لله صلاة ثم مات، وهكذا فإن من العقوبات الدنيوية، هو تحريم الطيبات وعدم الاهتداء إلى الحق، وقد يكون العقاب في الدنيا للأمم المكذبة لرسلها وعن أتباع أمر ربها، بتحريم طيبات كانت حلالا لهم قبل ظلمهم وبغيهم، كما حدث ذلك بالنسبة لليهود، وهذا التحريم كان عقابا لليهود على طغيانهم وبغيهم وظلمهم ومجاوزتهم حدود الله تعالى، وإن هذا العقاب وإن كان خاصا باليهود.

 

لكنه من الممكن من أن يقع على كل من هاد عن طريق الله تعالى واتبع غير شرعه، فإن الإنسان إذا أدار ظهره لأحكام الله تعالى وانتهج نهجا آخر، فإنه بذلك حرم ما أحل الله له وفي هذا أشد عقابا يلحظه من استنار قلبه بنور الإيمان واستقام نهجه على طريق الرحمن، وكذلك أيضا من العقوبات الدنيوية هوعدم الاهتداء إلى الحق، ويتمثل هذا العقاب الدنيوي في عدم الاهتداء الظالمين إلى الحق كما قال تعالى ” إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا، إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك علي الله يسيرا” وقال الإمام الطبري في معنى هذه الآية ” إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا بالله بجحود ذلك وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم بظلمهم عباد الله.

 

وحسدا للعرب، وبغيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ” لم يكن الله ليغفر لهم” يعني لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها ” ولا ليهديهم سبيلا” ويقول الإمام ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا الذين وصفنا صفتهم فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثواب الله ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة ولكنه يخذلهم عن ذلك حتى يسلكوا طريق جهنم وإنما كنى بذكر الطريق عن الدين وإنما معنى الكلام لم يكن الله ليوفقهم للإسلام ولكنه يخذلهم عنه إلى طريق جهنم وهو الكفر يعني حتى يكفروا بالله ورسله فيدخلوا جهنم ” خالدين فيها أبدا” فيقول مقيمين فيها أبدا ” وكان ذلك علي الله يسيرا”

 

وكل هذا يدل على عدم هدايتهم في الدنيا إلى الصواب من الأفعال، فيكون هذا سببا لدخولهم جهنم يوم القيامة، وذلك لأن الله تعالى يعاقب الكفار في الدنيا بالختم والطبع على قلوبهم والصرف عن تدبر آياته، وكل هذه العقوبات في الحقيقة إبعاد لأصحابها عن الاهتداء إلى طريق الجنة، وهكذا فإن لغاية العبودية أوجد الله سبحانه الثقلين، وسخر لهم الكون وما حواه، فقال تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وجعل ذلك الكون متسقا مع تلك الغاية قياما بوظيفتها التعبدية، وتذكيرا بها، ودلالة على استحقاق الله عز وجل لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى