مقال

الدكروري يكتب عن الأخلاق والنسيج الاجتماعي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأخلاق والنسيج الاجتماعي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الأخلاقيات في الشريعة الإسلامية لا تقوم على نظريات مذهبية ولا مصالح فردية ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها وإنما هي فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل النفس وخارجها، فليست الأخلاق فضائل منفصلة، وإنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة، عقيدته أخلاق وشريعته أخلاق، لا يخرق المسلم إحداها إلا أحدث خرقا في إيمانه حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن ” رواه البخاري، وإن النسيج الاجتماعي المتراص الفريد يحتاج إلى وقفة إصلاحية، متونها صقل الأذواق وسجحها والسمو بها في معارج الوعي الراشد والاستبصار الرائد، لتنعم حواسنا بذوق رفيع.

وبيئة نقية نظيفة، تبتهج النفوس بأزهارها، والأبصار باخضرارها، والاستظلال بوارف ظلالها، واستنشاق الهواء النقي في أرجائها، وتثير الأشواق والإعجاب وتزيح الونى والأوصاب، وتخلع على النفوس رونق البهاء، وعلى القيم الأسيلة روعة الطهر والثناء، بل تبعث على تمجيد الخالق الوهاب، ولن يستقيم حال الناس في مآلهم ومعادهم، ما لم يلتزموا بشريعة الإسلام جملة وتفصيلا، فالتعاليم الإسلامية تؤخذ بالجملة والتفصيل، ولا تقبل التجزيء كوصفة الطبيب، فلا يعقل ولا يصح أن نأخذ بعض الدواء وندع الآخر، فالعلاج لا يتم ولا يتحقق إلا بالالتزام الحرفي بالوصفة الطبية، فلا قيمة لعلم بلا خُلق، ولا فائدة من علم لا يؤطره منهج وقيم جميلة، فالعلم إنا هو وسيلة لغاية نبيلة.

أما إذا تحول العلم إلى فساد ودمار وخراب، فذلك يدل دلالة قاطعة على أن العلم لم يهتد بالخُلق الفاضل، والتوجه القويم، فالعلم بلا خُلق دمار وخراب، فليس كل علم نافعا، فمنه النافع والضار، ومنه من غلب نفعه أو ضرره، فما أحوجنا اليوم دون غيره إلى أخلاق الإسلام، فنمارسها سلوكا في الحياة في زمن طغت فيه المادة وضعفت فيه القيم وفهمت على غير مقصدها وغاياتها، وتنافس الكثير من أبناء هذه الأمة على الدنيا، ودب الصراع بينهم من أجل نعمة زائلة أو لذة عابرة أو هوى متبع، فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام، ونحن نرى التقاطع والتدابر والتحاسد على أبسط الأمور وأتفه الأسباب، فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام ونحن نرى جرأة كثير من الناس على الدماء والأموال والأعراض دون وجه.

فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام وتوجيهاته ونحن نرى قطيعة الرحم وضعف البر والصلة، وانعدام النصيحة وانتزاع الرحمة والحب والتآلف بين كثير من الأبناء والآباء والجيران، والإخوة وبين أفراد المجتمع الواحد، فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام عندما نرى فى الشوارع والطرقات الكاسيات العاريات ونرى الملابس الضيقه والملابس الشفافة التى تظهر مفاتن النساء فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام وتوجيهاته لتستقيم أمورنا وتنصلح أحوالنا وتضبط تصرفاتنا ويحسن أسلامنا ويكتمل إيماننا، فلا ينفع إيمان أو يُقبل عمل أو ترفع عبادة بدون أخلاق تحكم السلوك وتوجه التصرفات، ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، في أحاديث كثيرة، ومفصلة، عن ملاحم وفتن آخر الزمان، والمعارك الفاصلة الكبرى.

التي ستكون بين يدي الساعة، فقد أخبرنا بها صلى الله عليه وسلم، حتى ينبهنا من غفلتنا، ويوقظنا من رقدتنا، ويحثنا على الاحتياط لأنفسنا، ولكي نراجع هذه النصوص الشرعية فنجد السبيل للخروج مما نحن فيه من أزمات وفتن يرقق بعضها بعضا، وما تبع ذلك إلا من غربة للدين، والبعد عن كتاب الله تعالى وسنة نبية صلى الله عليه وسلم، وكثرة البدع والمضلين، والانهماك في أمر المعاش، والإعراض عن المعاد، وإيثار العاجلة على الآجلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى