مقال

الدكروري يكتب عن حفظ المال من التلف والضياع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حفظ المال من التلف والضياع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد بينت الشريعة الإسلامية الحلال والحرام، وحثت على حفظ المال من التلف والضياع وتنميته بالعمل والإنتاج والاستثمار، وحذرت من الكسب الحرام لما له من آثار وخيمة على الأمة سواء على دينها أو قيمها أو أخلاقها، فحرم الإسلام الربا بوصفه أولى العقبات في التنمية الاقتصادية، ووسيلة سهلة للكسب الحرام فقال تعالى فى سورة البقرة ” وأحل الله البيع وحرم الربا” وإذا أردنا أن نحقق التنمية لوطننا وبلادنا ومجتمعنا فعلينا أن نغير ما نحن فيه من واقعنا الذي نعيش فيه فكيف نحقق التنمية الاقتصادية وشبابنا في ضياع؟ والله إن القلب ليحزن حينما يري الشباب وهم فى أعز قواهم العقلية والجسدية ومع ذلك يفني الشباب قوته وشبابه فى الفراغ.

 

وفي كل ما حرم الله تبارك وتعالى من ملاه ومشارب وخمور ومجون وغير ذلك، ولو لم يكن الإنسان في حاجة إلى العمل، لا هو ولا أسرته، لكان عليه أن يعمل للمجتمع الذى يعيش فيه فإن المجتمع يعطيه، فلابد أن يأخذ منه، على قدر ما عنده، ويُروى أن رجلا مر على أبى الدرداء الصحابى الزاهد رضي الله عنه فوجده يغرس جوزة، وهو في شيخوخته وهرمه، فقال له أتغرس هذه الجوزة وأنت شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا عاما ؟ فقال أبو الدرداء وما عليَّ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيرى وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع الإنسانى فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ” ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمه إلا كان له به صدقه ” رواه البخارى، وبذلك يعم الرخاء ليشمل البلاد والعباد والطيور والدواب، وكيف نحقق التنمية الاقتصادية وقد منع الغني حق الفقير وضن وبخل به؟ فلو منع الغني حق الفقير وهو المقرر شرعا ليس منحة ولا تفضلا، لازداد الغنى غنى والفقير فقرا، واختل التوازن في المجتمع، فعن الإمام علي رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذى يسع فقراءهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلا بما يضيع أغنياؤهم.

 

ألا وإن الله عز وجل يحاسبهم يوم القيامة حسابا شديدا، ثم يعذبهم عذابا أليما” رواه الطبرانى، وقال الإمام على رضي الله عنه أيضا “ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيّع” وكما قال الشيخ الشعراوى رحمه الله “إذا رأيت فقيرا فى بلاد المسلمين فاعلم أن هناك غنيا سرق ماله” وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه “ما تمتع غنى إلا من جوع فقير” والله لو أن كل غنى اتقى الله وأخرج زكاته ما وجدت فقيرا في بلاد المسلمين، وأيضا كيف نحقق التنمية الاقتصادية وهناك خلل في توزيع الثروات والدخول؟ وكيف نحقق التنمية الاقتصادية وقد رُفع الجاهل وأعدمت الكفاءات؟ وكيف نحقق التنمية الاقتصادية؟

 

وانتشر بيننا التعامل بالرشوة والربا والغش والوساطات والمحسوبيات؟ وكيف نحقق التنمية الاقتصادية، فإننا بحاجة إلى نعيد حساباتنا، ونقف مع أنفسنا وقفة من جديد، فأين نحن من العمرين ؟ عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز؟ فهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقف ذات يوم يخطب في الناس فما كاد يقول أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، حتى قاطعه أحدهم قائلا، لا سمع ولا طاعة يا عمر، فقال عمر رضى الله عنه بهدوء لم يا عبد الله؟ قال لأن كلا منا أصابه قميص واحد من القماش لستر عورته وعليك حلة، فقال له عمر رضى الله عنه مكانك، ثم نادى ولده عبد الله بن عمر، فشرح عبد الله رضى الله عنه أنه قد أعطى أباه نصيبه من القماش ليكمل به ثوبه،

 

لأن عمر رضى الله عنه طويل ولم يكفه نصيبه، فاقتنع الصحابة وقال الرجل في احترام وخشوع الآن السمع والطاعة يا أمير المؤمنين، أي عدالة ومساواة هذه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى