مقال

الدكروري يكتب عن الفرق بين ولاية المؤمنين والكافرين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الفرق بين ولاية المؤمنين والكافرين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن هناك فرق أساسي بين ولاية المؤمنين وولاية الكافرين، فولاية الكافرين مبناها على التعصب والهوى واللجاج، ولذلك فالله سبحانه وتعالى يقول ” المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض” وأيضا يقابلها في الآية الأخرى ” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض” وبادى الرأى قد يخيل للإنسان أن كلمة من هنا أبلغ، فكيف عبر الله عز وجل عن علاقة المنافقين بأن بعضهم من بعض، أقوى من علاقة المؤمنين؟ كلا، وإنما السر والله تعالى أعلم، أن علاقة المنافقين ليست مبنية على منهج وطريق صحيح يتوالون فيه، بل القضية مبنية على الهوى والتوافق على الباطل، أما أهل الحق فولايتهم مبنية على الحق.

 

فهم أولياء لبعض في الحق، ولذلك لو تخلى أحد منهم عن الحق تخلوا عن ولايته، وكذلك لو أخطأ إنسان لما كانت ولايتهم له موجبة لموافقته في الخطأ، ولذلك قال تعالى ” بعضهم أولياء بعض ” فهي ولاية نبوية بصيرة، وليست ولاية عمياء على مجرد الهوى، وإنه لا بد فى كل عصر وفى هذا العصر بالذات، وقد رأينا جميعا كيف يتوالى أعداء الإسلام على حربه لا بد من التعاون بين المسلمين على البر والتقوى، كما أمر الله عز وجل فقال تعالى ” إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص” فهل تجد أبلغ من هذا الوصف والتشبيه؟ كأنهم بينان مرصوص، والبنيان المرصوص لا يمكن أن يجد فيه ثغرة ينفذ منها.

 

أو يتسلل منها، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ” ونحن الآن لو وجد الواحد منا قطعة فى الشارع لكان من السهل أن يحملها أو يكسرها، لكن حين يأتي إلى جدار مكون من مجموعة من اللبنات، فلو حاول أن يدفعه لما استطاع، لأن هنا انضمت اللبنة المفردة إلى أختها فاكتسبت قوة جديدة، وأصبح من غير الممكن للإنسان أن يدفعها، وهذا سر من أسرار التعاون الذي أمر الله تبارك وتعالى به المؤمنين، فلا بد أن يتقي المؤمنون الله عز وجل بألا ينشغل بعضهم ببعض، وكذلك أيضا ضرورة اتحاد أهل السنة والجماعة.

 

فإن الحاجة ماسة إلى أن يجتمع أهل السنة والجماعة تحت الراية الواحدة التي تجمعهم مهما اختلفت المسائل الفرعية التي تجمعهم عليها أصول متحدة، ومهما اختلفت اجتهاداتهم في الأمور العملية، ومهما اختلفت اجتهاداتهم في وسائل الدعوة إلى الله جل وعلا، ومهما اختلفت بلادهم وآراؤهم، فهذه القضايا ليست مدعاة إلى أن يتفرق أهل السنة والجماعة، أما إذا كان الخلاف خلافا عقديا مبنيا على الأصول، فهنا الأمر لا شك أنه يستدعي توضيح الأمر، وألا يلتبس الحق بالباطل على الناس، أما أن نتخذ من هذه الخلافات الجزئية والفرعية التي لا تؤثر سببا للتفرق والخصومة والتناحر، وأن ينشغل بعضنا ببعض.

 

فهذا ليس من الحكمة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، فهل من الحكمة أن ينشغل المؤمنون والدعاة والصالحون مثلا بالخلاف حول سنه من السنن أو حول مسألة فقهية ويتركوا أمرا هم مجمعون على أنه خطأ حرام وباطل وضلال؟ فإن هذا ليس من الحكمة، ولو سألت مؤمنا عن رأيه مثلا من الفساد الأخلاقى الذى يجتاح المجتمعات الإسلامية؟ لمّ رأسه، وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، ولو سألته عن هذه المعاملات الربوية التي لوثت جيوب الناس وحياتهم؟ لما كان يخالفك على ذلك أي مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى