مقال

الدكروري يكتب عن المتاجرة بكلمة الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المتاجرة بكلمة الحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كانت الهجرة من مكة إلى المدينة أمرا صعبا وشاقا على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانت كذلك على أصحابه رضوان الله عليهم، وإن أصابهم فيها ما أصابهم من بلاء وعذاب، لأنها وطنهم الذي وُلدوا وتربوا فيه، وعاشوا على أرضه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ” اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة كما أخرجونا من ديارنا إلى ديار الوباء” ثم دعا صلى الله عليه وسلم للمدينة أن ينقل حماها إلى الجحفة، وأن يصححها للمؤمنين، وعلى المرء أن يتذكر الأجر الذي سيناله من الله في الدنيا والآخرة أو العذاب والحرمان والطرد من رحمة الله إن خالف أمره، وعلينا أخيرا أن نتذكر المصالح التي ستجنيها الأمة.

 

من قول كلمة الحق وعدم المتاجرة بها وتغييبها من مواقع الناس فكلمة الحق كلمة طيبة كشجرة طيبه أصلها ثابت وفرعها في السماء بكلمة الحق ينصر المظلوم، ويُردع الظالم، وتحفظ الدماء، وتصان الأعراض، وتؤدى الحقوق، ويُؤتى بالواجبات، وتقوى العلاقات ويأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه، وبكلمة الحق يقل المنكر ويضعف الفساد، وتتلاشى المحسوبية، ويندحر النفاق، وتتقن الأعمال ويعبد الله حق عبادته، ويقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الكهف “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وفيها أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما فيه نقض ما يفتله المشركون من مقترحاتهم.

 

وتعريض بتأييسهم من ذلك، فقد أمره الله تعالى في الآية الكريمة بأن يصارحهم، بأنه لا يعدل عن الحق الذي جاءه من الله تعالى، وأنه مبلغه بدون هوادة، وأنه لا يرغب في إيمانهم ببعضه دون بعض، ولا يتنازل إلى مشاطرتهم في رغباتهم بشطر الحق الذي جاء به، وأن إيمانهم وكفرهم موكول إلى أنفسهم، لا يحسبون أنهم بوعد الإيمان يستنزلون النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض ما أوحي إليه، وإن الأخلاق الصحيحة الأصيلة، التي تسمو بصاحبها لا تكون إلا من طريق الدين لأن الله سبحانه وتعالى، عنده مكارم الأخلاق، فإذا أحب الله عبدا منحه خُلقا حسنا كما ورد في بعض الأحاديث.

 

إن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى، فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسن، وإن الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبل أحدهما الانفصال عن الآخر، ومن دون دين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، ولا يمكن أن تكون هناك أخلاق إلا عن طريق الإيمان بالله عز وجل أولا، والإيمان بخلود النفس ثانيا، والإيمان بالحساب بعد البعث ثالثا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم” رواه ابن ماجه، وعن الإمام علي بن أبي طالب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم “علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم” وإذا أردت أن تقنع ضعاف الإيمان فإنك تحتاج إلى التعليل.

 

لكن لو فرضنا أن الإنسان لم يعرف التعليل ألا ينبغى أن ينفذ الأمر الإلهي؟ ولا ينبغي أن تعلقه على التعليل، ولكن التعليل يقوى إيمانك، فإن التعليل يجعل الشريعة معقولة، والتعليل يجعلك تعلم الناس، أما المؤمن الصادق فلأن الله أمر انتهى، ولأن الله نهى انتهى، وعلة أى أمر أنه أمر، ولكن هذه الدابة إذا ماتت دمها فيها، فإن كل الأمراض والأوبئة وعوامل الضعف فى الدم، فإذا بقى الدم في الدابة فقد أصبحت مؤذية في تناولها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى