مقال

جليبيب…..

جريدة الاضواء

جليبيب

بقلم / هاجر الرفاعي

 

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن جليبيب هو أحد المساكين من الصحابة الكرام، ليست له أسرة معروفة، ليس عنده مال، ولا منصب، ولا شيء يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في ثيابه الممزقة، بطنه جائع، ووجهه شاحب، وأعضاؤه هزيلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : “يا جليبيب، ألا تتزوج؟” قال: يا رسول الله، غفر الله لك، ومن يزوجني؟ ثم يلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، فيقول له: “يا جليبيب، ألا تتزوج؟” فيقول: يا رسول الله، ومن يزوجني، لا مال ولا جمال.

 

ويلقى النبي صلى الله عليه وسلم جليبيباً مرة ثالثة، فيقول: “يا جليبيب، ألا تتزوج؟” فيقول: يا رسول الله ومن يزوجني، لا مال ولا جمال، فيقول – صلى الله عليه وسلم له: “اذهب إلى ذلك البيت من الأنصار، وقل لهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغكم السلام، ويقول: زوجوني ابنتكم” هذا مرسوم من كلام محمد عليه الصلاة والسلام، فذهب جليبيب، فطرق الباب، قال أهل البيت: مَن؟ قال: جليبيب، قالوا: ما لنا ولك يا جليبيب، فخرج صاحب البيت قال: ماذا تريد؟ قال: الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغكم السلام، فارتج البيت فرحاً، ثم قال: ويأمركم أن تزوجوني ابنتكم.

 

فقال الرجل: أشاور أمها، فشاورها فقالت: لا لعمر الله، لا نزوجه، فسمعت البنت العابدة الناصحة الصالحة، فقالت: أتردّان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ادفعوني إليه فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: شأنك بها، فزوجها جليبيباًن فأنشأ النبي صلى الله عليه وسلم بيتاً، أساسه على الإيمان والتقوى.

 

أفمن أدخل ابنته بيتاً مسلماً، تالياً لكتاب الله، مستقيماً على أوامر الله، معظماً لحدود الله، خير، أمّن أدخل ابنته بيتاً فيه التبرج والغناء، فيه الفحش والضلال واللعنة؟ وعاشت هذه المرأة في سعادة حقيقية، ليست كالسعادة الوهمية التي يتمناها البعض، أو يحلم بها البعض.

 

وفي إحدى الغزوات، وقد أفاء الله على نبيه فيها، فقال لأصحابه: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: نعم فلاناً، وفلاناً، وفلانا، ثم قال: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: نعم فلاناً، وفلاناً، وفلاناً، ثم قال: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: لا، قالوا: “لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه” فطُلب في القتلى، فوجوده إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه، فقال: “قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه” فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم قال: فحُفر له، ووضع في قبره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى