مقال

الدكروري يكتب الصديق الصالح

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب الصديق الصالح

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقرأ في القرآن سير المكذبين وما حلّ بهم من العذاب، فيتأثر بذلك ويبكي خوفا على أمته أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم، وأثر عنه عليه الصلاة والسلام أنه قيل له ” قد شبت، فقال صلي الله عليه وسلم ” شيبتني هود” وقال ابن رجب رحمه الله تعالى ” يشير إلى أن شيبه منها ما ذكر من هلاك الأمم قبل أمته وعذابهم، وقال المناوي رحمه الله تعالى ” لما فيها من ذكر الأمم وما حل بهم من عاجل بأس الله تعالى فأهل اليقين إذا تلوها انكشف لهم من ملكه وسلطانه وبطشه وقهره ما تذهل منه النفوس، وتشيب منه الرؤوس، فلو ماتوا فزعا لحُقّ لهم لكن الله لطف بهم لإقامة الدين، وكان صلى الله عليه وسلم يشتد خوفه إذا تغيرت أحوال الكون فتخيلت السماء، أو هبت الرياح، أو كسفت الشمس.

 

وإن الصديق الصالح هو الصديق الناصح الصادق، الذي لا يبالي أن يقول لك اتقى الله إذا رآك قد أخطأت، فالمسلم مرآة أخيه المسلم، والمرآة لا تجامل أحدا، بل تكشف كل العيوب كما تبدي جميع المحاسن، وإن مما فطر الله عز وجل عليه الناس أن يكون الإنسان مختارا لصديق يكون مصاحبا له إما أن يكون صديقا خليلا دائما، أو أن يكون صديقا عاما، ولقد جعل الله سبحانه وتعالى شريعة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم التي كان يبينها للناس، ويشرح أحكامها جعلها الله سبحانه وتعالى مقيدة وضابطة لهذه الفطر التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها فلم يمنع الله عز وجل الأب من أن يحب ولده، ولم يمنع الإنسان من أن يحب المال، ولم يمنع الرجل من أن يقترب من المرأة.

 

ولم يمنع العبد من أن يكون له صديق، لكن ربنا عز وجل جعل لذلك ضوابط وآداب وأحكام، فالزموا صحبة الأخيار ومودة المتقين الأبرار الذين تزيدكم صحبتهم استقامة وصلاحا، فإن صحبة هؤلاء تورث الخير في الدنيا والآخرة، ولها ثمرات طيبة، وآثار مباركة وهذه الفطرة قد يكون الإنسان إذا عمل بها يرفعه الله سبحانه وتعالى عنده درجات، بل يصل إلى موطن يغبطه فيه الأنبياء والشهداء وربما ضل الإنسان بسببها، ألا وهي اختيار الصديق، فكيف يختار الإنسان صديقه؟ وما مميزات الصديق الذي ينبغي أن يحرص العبد على مصاحبته؟ وكيف ربما يردي الصديق صديقه؟ وكيف ربما يرفعه عند الله عز وجل درجات؟ وكيف أوصى الله عز وجل باتخاذ الأصدقاء؟

 

وكيف تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عنهم وذكر الآداب معهم؟ فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك” ذاك الذي يبيع العطر إما أن يحذيك إذا جئت إليه إما أن يستخرج شيئا من العطر ثم يضعه على ثيابك أو يضعه على طرف يدك إما أن يحذيك أن يعطيك من عطره، وإما أن تجد منه رائحة طيبة” هكذا فالصديق الصالح إما أن تتأثر أنت بأخلاقه فإذا كان كثير الذكر تأثرت بطبيعته فأصبحت كثير الذكر مثله أما صاحب السوء فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فيه قال وأما “جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك” ونافخ الكير هو الحداد الذي ينفخ على الحديد فيتطاير الشرارز

 

فإذا وقفت عنده إما أن يتطاير بعض الشرار على ثوبك فإذا صاحبت السيئ تأثرت به، قال “وإما أن تشم منه رائحة خبيثة” فإذا صاحبت إنسانا سيئا ربما كان سارقا أو مرتشيا أو محتالا أو ربما كان عاقا لوالديه أو ربما كان مدخنا أو شاربا للخمر أو متعاطيا للمخدرات أو كلما جلس معك حدثك بسفره إلى بلد كذا وبلد كذا ووقوعه في أنواع الفواحش، فهذا إن لم تتأثر به وتشتاق إلى ما يفعل ويقول لك الشيطان لماذا لا تكون مثله وتسافر معه؟ لماذا لا تدخن مثله؟ لماذا لا تجرب أن تسهر معه ليلة وتشرب المسكر مثله؟ ها هو هاتفه لا يكاد أن ينقطع الاتصال من الفتيات اللاتي يغازلهن لماذا لا تكون مثله؟ فإما أن يحرق ثيابك يؤثر فيك ولو على مسير الوقت وقال وإما أن تشم منه رائحة خبيثة” تصبح سمعتك سيئة عندما يقال والله رأيناه خارجا من بيت فلان أو رأيناه راكبا مع فلان في سيارته أو أن فلان يتصل به كثيرا،إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة خبيثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى