مقال

الدكروري يكتب عن الإسلام يخاطب الفطر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإسلام يخاطب الفطر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أعظم الناس تواضعا، يخالط الفقير والمسكين، ويجالس الشيخ والأرملة، وتذهب به الجارية إلى أقصى سكك المدينة فيذهب معها ويقضي حاجتها، ولا يتميز عن أصحابه بمظهر من مظاهر العظمة ولا برسم من رسوم الظهور، ويقول لهم في ذلك ما معناه إن الله يكره أن يمتاز الشخص عن أصحابه، فكان النبي صلي الله عليه وسلم ألين الناس عريكة، وأسهلهم طبعا، ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وهو مع هذا أحزمهم عند الواجب، وأشدهم مع الحق، لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شىء وكأنما يفقأ في وجهه حَب الرمان من شدة الغضب، ولأن الإسلام يخاطب الفطر، وهو دين الله الخاتم الذي ارتضاه لخلقه.

 

فقد اشتملت تعاليم وأسس هذا الدين على كل ما يصلح الإنسان من حيث كونه إنسانا، ولأن المرأة كائن ضعيف، وأهمله الجاهليون واحتقروه وتوارثوا التواري منه، فقد حرص الإسلام على تكريمها أيما تكريم، فالمرأة كأم يجب طاعتها، وبرها واجب، وجعل رضاها من رضا الله تعالى، بل إنها طريق إلى الله والجنة، والمرأة كزوجة أوصى الإسلام بها الأزواج خيرا، حاثا على حسن عشرتها، فيقول صلى الله عليه وسلم “استوصوا بالنساء خيرا” رواه البخاري ومسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي وابن ماجه، وكما كرمها بنتا، فحث على تربيتها وتعليمها، وجعل لتربية البنات أجرا عظيما، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم.

 

“مَن عالَ جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو” وضمّ أصابعه، رواه مسلم، وقد تجتمع في المرأة الواحدة أكثر من صفة، بأن تكون مثلا زوجة، إلى جانب كونها بنتا وأمّا وأختا وعمة وخالة، وهنا ينالها التكريم على كل وجه، وعليه، فالإسلام حدّ حدودا ووضع منهجا للتعامل مع المرأة، رافعا من شأنها، بل سوّى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة، ومساوية له في جزاء الآخرة، ولها حق التعبير، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله، ولها حق التملك، وغير ذلك، مما حُرمت منه المرأة غير المسلمة، وإن المرأة في زمن العولمة تم الاهتمام بزيادة التشغيل الهش لها، ضمن علاقات إنتاج منخفضة الأجر، وتحولها إلى أداة للخدمة في جميع أنحاء العالم.

 

إلى جانب مُعايشة عالم استهلاك مفرط، وعدم القدرة على تلبية الحاجيات، مع تنامي الواجبات الاجتماعية والبحث عن هوية جديدة ضمن إطار اجتماعي تزداد فيه الفوارق، وهو ما يعرضها لأشكال من العنف المرتبط بالجنس، وتزايد المنافسة والطلب عليهن من طرف الشركات، كما أن استغلال جسد المرأة وصورتها في الدعاية والإشهار في ترويج وتسويق المنتجات الرأسمالية، يُعد مطلبا في ظل الدعوة لتمدنها وانفتاحها على الآخر، وكما يتم تشغيل المرأة بشكل نمطي وفي أوقات الحاجة وحسب المزاج، وتحرم من حقوقها الطبيعية، وكل هذا وغيره تدفعه المرأة ثمنا لظروف عمل بائسة ورتيبة، تفقدها الطاقة والصحة، مع غياب الرعاية الاجتماعية، وتتمتع بحقوق ضئيلة، وأجر لا يضمن عيشا كريما.

 

فالعولمة إذن تقذف بالمرأة إلى الخارج بسرعة، دون ضمانات وبلا رحمة ولا شفقة، والمهم هو الاستفادة منها وتوظيفها في جعل الاقتصاد يزدهر، والاستمتاع بمحاسنها في أروقة عروض الأزياء، بدل الاكتفاء بدورها التقليدي، وتحميلها مسؤولية اجتماعية، والمحافظة على قيمتها ضمن ملامحها التربوية القديمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى