مقال

الدكروري يكتب عن الإنسان ومراحلة الثلاثة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان ومراحلة الثلاثة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله عز وجل قد كرم الأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام ومن ذلك أنه سبحانه وتعالي، قد زود نبي الله يحيى عليه السلام بمؤهلات لحمل الأمانة الكبرى والمسئولية العظمى، وهذه المؤهلات هي في قوله تعالي كما جاء في سورة مريم ” وآتيناه الحكم صبيا، وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا، وبرا بوالدية ولم يكن جبارا عصيا” وبعد هذه الصفات الغالية التي زود الله بها نبيه يحيى عليه السلام، يسلم الله عز وجل عليه فيقول “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا” وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى يسلم عليه في مواطن ثلاثة هي أشد ما تكون على الإنسانن وهو يوم أن يولد، ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا ليلقى الله عز وجل الحي الذي لا يموت، فيسلم الله تعالي عليه في هذه الأحوال الثلاثة وفي هذه المواقف الثلاثة.

 

وقد ذكر الإمام ابن كثير عن قتادة أن الحسن قال التقى نبي الله يحيى وعيسى عليهما السلام، فقال عيسى ليحيى ادعوا الله لي فإنك أفضل مني، فقال يحيى لعيسى بل أنت أفضل مني يا عيسى، فقال عيسى لا يا يحيى، بل أنت أفضل مني لأنني أنا الذي سلمت على نفسي فقلت، كما قال الله تعالي في سورة مريم ” والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا” أما أنت فقد سلم الله عليك فقال “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا” وإن انتقال الإنسان من عالم الأحشاء إلى عالم الدنيا، هو أشد الأحوال والأوقات التي يمر بها الإنسان وهو يوم أن يولد، ويوم أن يموت، ويوم أن يبعث حيا، ولكن لماذا؟ وهو لأن العبد في هذه الأحوال الثلاثة ينتقل من عالم إلى عالم آخر جديد غريب عليه.

 

فهو ينتقل في المرحلة الأولى من عالم الأحشاء في بطن أمه إلى عالم الدنيا، ثم بعد ذلك يترك عالم الدنيا إلى عالم البرزخ، فيترك القصور والدور إلى عالم الدود والقبور، ثم بعد ذلك يترك عالم البرزخ إلى عالم البعث، ثم إلى العرض على محكمة الله عز وجل فما بين مسرور محبور، ومحزون مثبور، وما بين جبير وكسير، فريق في الجنة وفريق في السعير، فإنها أحوال ثلاثة عجيبة، وأحوال شديدة على أي إنسان، يوم أن يولد ويوم أن يموت ويموت أن يبعث حيا، وإن المرحلة الأولى وهي المرحلة التي ينتقل فيها الإنسان من عالم الرحم والأحشاء، ذلك العالم الآمن الأمين الحصين المكين، هذا العالم الذي تكلف الله برعايته له بكل شيء، وما كلفه الله تعالي في هذا العالم بأي شيء، فيد الله وحده هي التي ترعاه وترزقه.

 

وسل الجنين يعيش معزولا بلا راع ومرعى ما الذي يرعاك؟ فإنه الله وحده هو الذي يرعاك وأنت في هذه الأحشاء، وأنت في هذه الأجواء، وأنت في هذا العالم العجيب، يد الله وحده هي التي ترعاك، ويد الله وحده هي التي ترزقك، ويد الله وحده هي التي تتكفل بعنايتك ورعايتك، وسل الجنين يعيش معزولا بلا راع ومرعى ما الذي يرعاك ومن الذي يقدم له رزقه؟ ومن الذي يتكفل له بطعامه وشرابه؟ ومن الذي يتكفل بتنفسه في هذا العالم؟ إنه الله رب العالمين، وفي الوقت الذي قدر الله له فيه أن يخرج من ذلك المكان الآمن، يخرج إلى عالم الشقاء، يخرج إلى عالم الدنيا، يخرج إلى عالم الفتن والشهوات والشيطان، فيستقبله الشيطان منذ أول لحظة نزل فيها إلى هذه الحياة والمولدة تولده، فيستقبله الشيطان فيطعنه فيصرخ المولود.

 

وهذا كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما من مولود يولد إلا ويمسه الشيطان، فيستهل المولود صارخا من مس الشيطان إياه” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى