نماذج مشرفة

نموذج فريد

جريدة الاضواء

نموذج فريد

بقلم دكتور/ عيد على خليفه

لم تكن تربطني علاقة بالدكتور محمد أبو الغيط غير تلك العلاقة العامة بين أبناء القرية الواحدة، علاقة الآباء والأجداد التي ترسخت إلى حد بعيد؛ ربما لم يقدر الله تعالى وجود علاقة صداقة بيني وبينه لاختلاف التخصص، أو لأنه لم يكن يقيم معنا في القرية طيلة السنين الماضية، لم أكن أعرف عنه سوى أنه ذو همة عالية في العلم؛ فقد جالسته مرة واحدة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما فلمست فيه هذا. 

لكنني عرفت يوم وفاته فقط كما عرف العالم كله مَن محمد أبو الغيط.

عرفته يوم وفاته من خلال كتاباته على صفحته في الفيس بوك.

لمست فيه براعة الطبيب ووعي المثقف، وتفنن الأديب ونضج العقل وسعة الفكر ورحابة الصدر وحسن الخلق.

إنه الشاب الذي تربى حقا، أطعمه أبواه حلالا وربياه على حب الخير والفضيلة، ولطالما حدثني والدي حفظه الله عن الحاج محمد الشهير بالحاج حمامة رحمه الله جد محمد أبو الغيط وعن طاعته وصلاته وتحريه للحلال وكيف كان يتعب ويعرق من أجل تربية أولاده وتعليمهم.

إنه صاحب المشاعر الجياشة التي لا يدرك قيمتها آحاد الناس؛ ومن خبر النفس الإنسانية وسبر أغوارها عرف أن المشاعر الراقية تنبع من الإيمان العميق بعالم الغيب ومن سعة الخيال المشروع في ذلك العالم الرحب وهذا هو أحد الجانبين اللذين يظهران قيمة تلك المشاعر الراقية التي اتصف بها محمد أبو الغيط رحمه، وأما الجانب الآخر فهو أثرها على شخصيته فقد كان محمد متواضعا رفيقا رقيقا لطيفا محبا محبوبا. 

إنه الشاب المنظم الذي يضن بوقته وأنفاسه عن العبث واللغو كما يقع من غالب شباب العصر، بل لا ينفقها إلا في علم نافع أو عمل صالح. 

إنه الشاب صاحب الرسالة الذي أخذ على عاتقه أن لا يكتب إلا ما يسره يوم القيامة. 

إنه المثال الذي يحتذى ويقتدى به – من قِبل الشباب اليوم بل من قبل آبائهم ومربيهم – في النجاح.

إن على شبابنا اليوم وعلى آبائهم ومربيهم أن يدركوا أن وراء هذا النجاح ما وراءه من عظمة الأم والأب.. وإن وراء هذا النجاح ما وراءه من طهارة القلب وعلو الهمة وكبر النفس.

وإذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الأجسام 

إنني على يقين أن محمد أبو الغيط باق بيننا بسيرته وعمله وصفاته الطيبة ولِم لا؟ وهو اليوم بلا منازع مثل أعلى ونموذج فريد ومثال محفز لكل من يتعرف على حياته.

ألا فرحمة الله عليك يا محمد، وطوبى لقبر ضمك وتراب شمك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى