مقال

نبي الله يُوشع بن نون

جريدة الاضواء

نبي الله يُوشع بن نون
بقلم / هاجر الرفاعي
عاش يوشع ونشأ خلال فترة نبوة موسى عليه السلام، وكان مرافقًا له في ترحاله، وتابعًا له ومصدقًا له في أوامره ودعواته إلى الله،كما لازمه لما خرج من مصر، ولما عوقب بنو إسرائيل في التيه، وتذكر كتب التفاسير أن يوشع عليه السلام كان مع سيدنا موسى في سيرته مع الخضر، وهو الفتى المذكور في قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ ‏لما مات موسى وهارون عليهما السلام، تولى يوشع أمر بني إسرائيل في التيه، وحرص على تبيان أوامر الله تعالى لهم، وكان حاكما عليهم، ويقوم بشؤونهم، وحينما أكملوا مدة العقاب المكتوبة عليهم، أذِن سبحانه وتعالى لهم بالخروج من التيه، ودخول الأرض المقدسة التي كتبها قبل أربعين سنة،

فزف لهم عليه السلام تلك البشرى بأنَّ سخط الله عليهم قد زال، وزال معه الحرمان من الدخول إلى الأرض المقدسة بعد تلك المعاناة، وأمرهم بالاستعداد للمعركة التي وعدهم الله تعالى بالنصر فيها على القوم الجبابرة، الذين يسكنون بيت المقدس.
فأدرك بنو إسرائيل الخطأ الذي كان منهم قبل أربعة عقود، لما طلب الله تعالى منهم أن يقاتلوا مع موسى عليه السلام، ويدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها لهم، بعد أن وعدهم أنهم إن دخلوا الباب على حكامها الجبابرة، فإنهم سينتصرون بوعد الله، ورفضوا حينها، وقالوا لموسى عليه السلام ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ ‏فكان عقابهم أن كتب الله عليهم التيه 40 سنة.
فتح بيت المقدس

سار يوشع عليه السلام ببني إسرائيل إلى بيت المقدس مطالبين استيطانها بعد طرد القوم الجبارين منها، وواثقين بنصر الله وتأييده، فحاصرها 6 أشهر محاولا دخولها، ثم بدأت بوادر النصر تظهر لبني إسرائيل، وحدث أن كانت ذروة احتدامهم مع القوم الجبارين في يوم الجمعة،،، وفي ذلك اليوم اخذ الوقت يمضي ويقترب من الغروب، وخشي عليه السلام أن يدخل يوم السبت فيُحرم القتال، لأن شريعة بني إسرائيل تحرم عليهم القتال في هذا اليوم الذي يبدأ عندهم مع دخول وقت المغرب، وخاف أن يفقد الانتصار الذي بدأ به، ويكون للقوم الجبارين فرصة لأن يعيدوا جمع شتاتهم وقوتهم، ويحترزوا مما كان سببا في هزيمتهم.معجزة يوشع عليه السلام

في خضم تلك الظروف الملبدة بالقلق والخوف من دخول يوم السبت، وفقد الانتصار، نظر يوشع عليه السلام إلى الشمس، وقال لها، إنك مأمورة وأنا مأمور، ثم دعا الله سبحانه وتعالى بقوله: «اللهم احبسها علينا » كي لا يدخل يوم السبت، وحتى يأتي النصر، فاستجاب الله تعالى له بمعجزة عظيمة لم تكن لنبي قبله، وأمر سبحانه وتعالى الشمس بالتوقف عن المسير الى حين انتهاء المعركة، فتوقفت، وبقي نهار الجمعة ثابتا، واستمر القتال بينه وبين القوم الجبارين، إلى أن نصره الله عليهم، ودخل بيت المقدس فاتحاً لها، ثم عادت الشمس الى حركتها الطبيعية.
وقد ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما حدث ليوشع عليه السلام فقال: (إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس).

ولما انتصر يوشع عليه السلام، وأراد أن يدخل الأرض المباركة التي كتبها الله لبني إسرائيل، أخبرهم أن الله تعالى فرض عليهم دخول تلك الأرض على هيئة مخصوصة، وهي أن يدخلوها ساجدين، شكرا له على هذه النعمة التي أنعهما عليهم بأن نجاهم من التيه، وكتب لهم النصر، وأن يقولوا (حطة)، -أي اللهم حط عنا خطايانا التي لحقت بهم جراء تقصيرهم في حق الله تعالى، واتباع أوامره، إذ جاء في الآية:.﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ ‏

وبالرغم من النصر الذي حققه بنو اسرائيل، الا انهم استهزأوا بأوامر وتوجيهات يوشع عليه السلام، وتكبروا على الله تعالى، وجحدوا أمره، مع كونهم قد رأوا قبلها بلحظات كيف نصرهم جل جلاله، وكيف أوقف الشمس عن الغروب ليتحقق النصر لهم، فدخلوا يزحفون على مؤخراتهم، ويقولون حنطة بدلا من حطة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا وقالوا حبة في شعرة) فغضب الله عليهم من ذلك الصنع والتكبر، وأنزل عليهم عقابا ورجزا من السماء، فأصابهم الطاعون الذي قيل إنه قتل منهم في ساعة واحدة 70 ألفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى