دين ودنيا

الدكروري يكتب عن القرآن وقصة نملة

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن امتلاء القلب بعظمة الله يولد ثقة مطلقة بالله تعالي، ويجعل المسلم هادي البال، ساكن النفس مهما ادلهمت الخطوب، وإن استشعار عظمة الله عز وجل تملأ القلب رضى وصبرا جميلا، فلا يحزننا تقلب الذين كفروا في البلاد، فإنهم مهما علوا وتجبروا لن يصلوا إلى مطامعهم، ولن يحققوا أهدافهم الدنيئة، فالله هو القوي الذي لا يغلب، ويحكي القرآن الكريم قصة نملة مع قومها حين بذلت النصح فقالت “قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون” وكانت واعظة صادقة فاستحقت التخليد في القرآن، فلما رأت خطرا محدقا حذرت، مع أن المحذر منه ليس بعدو، إنما هو نبي صالح، لكن خوفا من التحطيم والهلاك، لقومها أنذرت، فكيف لو كان المحذر منه عدوا مهلكا؟

فماذا عساها فاعلة؟ فلم تحملها الأنانية على النجاة بنفسها هربا، ثم إنها كانت في وادي النمل، فلم تتكل على غيرها، ولم تنظر إلى كثرة النمل من غيرها، وكانت نملة من أفراد النمل، لا منصب لها ولا مكانة، فلم تزدر نفسها، بل قامت بالبلاغ المبين ، فأنقذت أمتها، مع أنها لم تكن ذات منصب أو وجاهة، وكان العدل لها سمة، فاعتذرت عن فعل نبى الله سليمان عليه السلام في حين أنه لا حاجة لاعتذارها له، فهي لم تفسر أعمال القلوب، واعتذارها براءة لها من حمل الأفعال على سيئ المحامل والمقاصد، إذ تتبع العثرات ليس من شيم الكرام، فجاء التبسم من نبي الله سليمان عليه السلام إعجابا بقولها ورضا، إذ التبسم يكون تبسم المستهزئ، وتبسم الغضبان، وتبسم العجب.

ولكنه لما كان عن سرور، أتبعه الله تعالي بقوله ” ضاحكا” وإنما كان فرح سليمان سرورا بدينها وعدلها، وأنها دافعت عنه دون حاجة أو طلب، فما أحوجنا إلى إيمان كإيمان نملة، إذا جاءك من يشتكي من هموم أو غموم أو أمراض أو ديون أو مخاوف أو غيرها فقل له اتصل بالله وعلق قلبك بالله فإن الذي علم بمخاوف نملة وسمع خطابها بكل تفاصيله ألا يعلم بمخاوفك وما أصابك؟ فناده وقل يا الله، يا الله فإنه سميع قريب مجيب، وقل له إن الذي سمع استسقاء نملة وتضرعها لربها فاستجاب لها وكفى المؤمنين صلاة الاستسقاء،ألا يسمع دعائك وندائك؟ فناده وقل ياالله، يا الله إنه سميع قريب مجيب،انتبه كلما عظم الله في قلبك كنت إلى الله أقرب، فهذه جحافل النمل عظم الله عندها فقامت تسبحه.

ومعها الكون كله، فأين عظمة الله في قلبك وأنت من أرسل الله لك خير رسله صلى الله عليه وسلم وأنزل إليك خير كتبه القرآن العظيم، فهذه بعض عظمته سبحانه مما تتحمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل، فمن كان هذا بعض عظمته فكيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، والذين لا يقدّرون الله حق قدره, ولا يعظمونه حق عظمته تصاب نفوسهم بالوهن, وتمتلئ قلوبهم برهبة البشر، والهزيمة النفسية التي تظل تلاحقهم مهما أوتوا من قوة، ونالوا من عدة وعدد، والهزيمة النفسية هي من أنكى الهزائم وأشدها خطراً على مستقبل الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى