مقال

الدكروري يكتب عن وقفات في قصة طالوت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وقفات في قصة طالوت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من قصة طالوت وجالوت نأخذ العبر والعظات فإن أصحاب طالوت صبروا واجتازوا امتحانات قاسية ومروا بابتلاءات متوالية، حتى كانت اللحظة الحاسمة، وتحقق اللقاء، وعند المواجهة توجهوا إلى الله تعالى بالدعاء، وهنا فقط يأتي الله تعالى بالنصر، ذلك لأن الله تعالى هو الذي يملك أسباب النصر من ملائكة وغيرها، فهل تنزل الملائكة على النائمين القاعدين المتنسكين في المحاريب، والمنقطعين للذكر وحلقات الدرس وحفظ القرآن؟ ففي قصة طالوت، كانت نهاية جالوت الكافر المعاند على يد داود، وكان غلاما صغير السن، وقد قتله بالمقلاع، وفي غزوة بدر كانت نهاية أبي جهل رأس الكفر والعناد وهلاكه على يد غلامين صغيرين، وقد روى ابن هشام في السيرة، قال معاذ بن عمرو بن الجموح.

 

سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة، أى الشجر الملتف، وهم يقولون أبو الحكم لا يُخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أطنت قدمه أى أطارتها بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، قال وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني أى غلبني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمى، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها، وقال ابن إسحاق ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمن عثمان، ومن هنا يتبين مدى تأثير قصة طالوت في نفوس المسلمين، حينما قص عليهم القرآن قصةَ فئة مؤمنة مرت بها ظروف وأحداث كالتي يمرون بها.

 

ثم كان عاقبتها النصر والغلبة، والدروس المستفادة كثيرة، والعبر ناطقة، ولقرب نزولها من أحداث غزوة بدر ومقدماتها كان لها أيما وقع وتثبيت لقلوب المؤمنين، والأمل في النصر، وكان ذلك بمثابة تهيئة وتعبئة نفسية ومعنوية قبيل بدر، وهكذا كان ذكر قصص الأمم السابقة فقد ذكر القرآن الكريم العديد من القصص التي تعين المسلم على التفكر في قدرة الله تعالى على تغيير أحوال البشر من عزة إلى ذلة، ومن ذلة إلى عزة، كما توضح القصص سبب تقدم الأمم وتراجعها، والسبب الأساسي في ذلك هو تقوى الله تعالى والاستعانة به في السراء والضراء، ومن قصص الأمم التي ذكرها القرآن الكريم، قصة قوم لوط وقوم ثمود وقوم عاد وقوم فرعون وبني اسرائيل، وإن بنو إسرائيل، هم أولاد إسرائيل.

 

وهو النبي يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام، وذريته هم بنو إسرائيل الذين عاصروا الكثير من الأنبياء والرسل الكرام، وفي تكرار ذكر قصصهم في القرآن الكريم حِكَم عظيمة، فقد فضلهم الله تعالى على العالمين، فلما فرطوا في آتاهم ضُربت عليهم الذلة والمسكنة وغضب الله عليهم، وجعل منهم القردة والخنازير، وفي ذلك عبرة للأمم بأن الله تعالى لا يفضل أمة عن غيرها بسبب النسب، بل إن ميزان الفضل عند الله هو اتباعه واتباع أنبياءه عليهم السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى