مقال

الدنيا وحال الإنسان فيها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الدنيا وحال الإنسان فيها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 10 ديسمبر 2023

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، لقد كان فخر الدولة علي بن ركن وهو من ملوك بني بويه يقول جمعت لولدي ما يكفيهم، ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة، وتوفي في قلعة بالري، وكانت مفاتيح خزائنها مع ولده، ولم يحضر، فلم يوجد له كفن، فابتيع من قيم الجامع الذي تحت القلعة ثوب خلف فيه، واختلف الجند فاشتغلوا عنه حتى أراح، فلم يمكنهم القرب منه، فشد بالحبال، جر على درج القلعة من بعد حتى تقطع، وكان قد ترك ألفي ألف دينار، وثمانمائة وخمسة وستين ألفا، وكان في خزائنه من الجوهر والياقوت واللؤلؤ والبلخش والماس أربعة عشر ألفا وخمسمائة قطعة قيمتها ألف ألف دينار، ومن أواني الفضة ما وزنه ثلاث ألاف ألف.

ومن الأثاث ثلاثة آلاف حمل، ومن السلام ألف حمل، ومن الفرش ألفان وخمسمائة حمل، فسبحان الله العظيم في تدبيره وفي تصريفه، فإنه ملك يملك تلك الأموال، ولا يجد له كفن فيكفن بقيمة ما ابتيع من قيم الجامع، فهو ملك الأموال والفرش والدور والقصور ولم يوجد له كفن يكفن فيه؟ وقال أبو الدرداء من لم يكن غنيا عن الدنيا فلا دنيا له، وقال الحسن رحمه الله يصف الدنيا نعمت الدار الدنيا كانت للمؤمن، ذلك أنه عمل قليلا وأخذ زادا منها إلى الجنة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار، ويروي عن عبدالله بن أوفى أن النبي صلي الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال للناس ” لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، وكان ينظر إذا لم يقاتل أول النهار أجل حتى تزول الشمس.

وتهب الرياح ويجيء النصر، فكان قتاله إما في أول النهار وإما في آخر النهار بعد الزوال، وكان يقول صلي الله عليه وسلم ” لا تتمنوا لقاء العدو يعني خيلاء أو إرهاء وعدم مبالاة، وإلا فقد تقدم من سأل الشهادة وطلب الشهادة في سبيل الله وطلب الجهاد في سبيل الله والرغبة في ذلك أمر مطلوب لكن لا يتمناها الإنسان إرهاء من نفسه، وأنه سوف يفعل وسوف يفعل، بل يسأل الله العافية، ويطلب ربه أن يرزقه الجهاد في سبيله والشهادة في سبيله، لكن إذا لقي العدو يكون عنده الصدق وعنده الضراعة إلى الله وطلب النصر منه لا بشجاعته وقوته أو كثرة جيشه، بل يكون عنده الانكسار إلى الله تعالي والذل إلى الله وعدم العجب بالنفس أو العجب بالجيش أو العجب بالقوة، بل يقابل العدو بالضراعة والانكسار لله والذل له.

وطلبه النصر والافتقار إليه عز وجل ويصبر، ولهذا قال صلي الله عليه وسلم ” فإذا لقيتموهم فاصبروا يعني اصبروا على جلادهم وقراعهم بالسلاح ومصارعتهم والكر والفر لنصر دين الله تعالي، قال النابغة الجعدي عن الدنيا وحال الإنسان فيها المرء يرغب في الحياة وطول عيش قد يضره، وتفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره، وتسوءه الأيام حتي ما يرى شيئا يسره، وروى أبو كبشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما الدنيا أربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا فهو صادق النية، فيقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء.

وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم فيه لله حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، وهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى