اخبار مصر

زيارة الرئيس السيسى لأرمينيا وأذربيجان تهدف الدخول فى عضوية البريكس

جريدة الاضواء

زيارة الرئيس السيسى لأرمينيا وأذربيجان تهدف الدخول فى عضوية البريكس

الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

جاءت زيارة الرئيس السيسى للهند وبعدها أرمينيا وأذربيجان، تأكيداً من الجانب المصرى ورئيسه “عبد الفتاح السيسى” على رغبة مصر فى الدخول فى عدة تكتلات إقتصادية عملاقة، وعلى رأسها البريكس بمساعدة الصين والهند، ثم الإتحاد الأوراسى بمساعدة روسيا وأرمينيا بالأساس. بل ولنقل خبرة الإتحاد الأوراسى إلى مصر وبلدان المنطقة، والذى يعد بمثابة مشروع للتكامل الإقتصادى والسياسى، قائم على الإتحاد الجمركى لدول (بيلاروسيا، كازاخستان، روسيا)، فضلاً عن دول المنطقة الإقتصادية المتحدة، والإعلان لاحقاً عن خطة توسعه، لتشمل دول أخرى من المجموعة الإقتصادية الأوروبية الآسيوية، والتى تعرف إختصاراً بإسم مجموعة
(EurAsEC)

ومن وجهة نظرى وقراءتى للمشهد السياسى والإقتصادى العام للدولة المصرية ولتحركات الرئيس السيسى ناحية الشرق بالأساس بعيداً عن تلك الحسابات المعقدة لواشنطن والغرب والمشروطية السياسية والإقتصادية لصندوق النقد الدولى وقروض الغرب، فإن إنضمام مصر للإتحاد الأوراسى أو ما يعرف بمجموعة الدول المستقلة، سيمكن مصر فى الفترة المقبلة من عمل تحالف مع تلك الدول، وصولاً لإنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر وبلدان الإتحاد الأوراسى، وعلى رأسها روسيا وأرمينيا، وصولاً لإنشاء الإتحاد الجمركى بين مصر ودول أوراسيا، إنتهاءً بإنشاء المنطقة الإقتصادية المتحدة، بل وحتى التخطيط لإنشاء عملة موحدة بالنسبة لبلدان الإتحاد الأوراسى، مما يسهل عملية التبادل التجارى بين مصر وتلك الدول فى المستقبل ويساهم بالطبع فى التأثير على قوة الدولار الأمريكى وإنهياره وإنخفاض قيمته فى نهاية المطاف.

كما أن تحركات الرئيس السيسى نحو الهند ثم أرمينيا وأذربيجان على وجه التحديد، لهو جزء من الدعم المصرى للكتلة الشرقية وعلى رأسها الصين وروسيا ثم الهند، ويأتى كذلك كجزء من التحركات الإقتصادية المصرية للدخول فى تكتلات إقتصادية عملاقة وشراكات مع دول البريكس وبلدان الإتحاد الأوراسى كأرمينيا وروسيا، بما يعكس الرؤية المصرية للدخول فى عضوية الإتحاد الأوراسى، بحيث يمكن رؤية ظهور هذا الإتحاد الأوراسى كجزء من الإستراتيجية الروسية المعلنة لإستعادة الأهمية التى كان لها فى السابق على الساحة السياسية الدولية خلال ما يسمى بالحرب الباردة فى فترة الإتحاد السوفيتى، وذلك يصب بالأساس فى مصلحة مصر وتحركات الرئيس السيسى نحو الكتلة الشرقية وتطلعه للإنضمام لعضوية البريكس ثم الإتحاد الأوراسى، بحيث يكون هذا الإتحاد الأوراسى فى النهاية، بمثابة ثقل موازن للإتحاد الأوروبى، إلى جانب دور منظمة شنغهاى للتعاون، والتى تضم فى عضويتها كلاً من روسيا والصين.

كما أن تمكن الإتحاد الأوراسى بقيادة روسيا وأرمينيا من إيجاد عملة موحدة مثل اليورو فى الإتحاد الأوروبى، والتى من المقرر أن تسمى “عملة ألتين”
Altyn

ستكون موازنة لقوى الإتحاد الأوروبى فى الكتلة الشرقية، بقيادة روسيا والصين والهند ثم أرمينيا مع دعوة باقى بلدان آسيا الوسطى للإنضمام لاحقاً للعملة الأوراسية الموحدة، وهو ما يخدم الجانب المصرى والأجندات الإقتصادية للدول النامية فى المستقبل المنظور، ويخفض من قيمة الدولار على المدى البعيد.

مع الوضع فى الإعتبار، معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لمشروع الإتحاد الجمركى الأوراسى لإنتقال البضائع والسلع بسهولة بين دولة، وتراه واشنطن على أنه محاولة لإعادة تأسيس الهيمنة الروسية بمفهوم الإتحاد السوفيتى بين دول ما بعد الإتحاد السوفيتى.

وهو ما أعلن عنه صراحةً الرئيس الروسى “ڤلاديمير بوتين”، بأن هدفه هو توسيع عضوية الإتحاد الجمركى الأوراسى، ليشمل جميع دول ما بعد الإتحاد السوفيتى، ليشمل دول البلطيق الأعضاء فى الإتحاد الأوروبى، وعلى رأسها دول:

(أرمينيا- أذربيجان- جورجيا- قيرغيزستان- مولدوفا- طاجيكستان- تركمانستان- أوكرانيا- أوزبكستان)

فضلاً عن السماح بوجود دول تعمل كعضو مراقب كما هو الحال فى معظم الإتحادات والتكتلات العالمية، وهو ما يسهل لمصر فى حالة إتمامه فتح شراكات إقتصادية وإستثمارية قوية ومؤثرة مع تلك الدول فى الكتلة الشرقية بعيداً عن حسابات وضغوطات الغرب.

وبدأت بالفعل وزارة التجارة والصناعة المصرية عدة جولات ومفاوضات جادة وفعلية للإنضمام لعضوية الإتحاد الأوراسى مع روسيا وأرمينيا والدول المشكلة له، وتم الإعلان فى شهر يونيو ٢٠٢١، عن نجاح الجولة الرابعة لمفاوضات إتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الإتحاد الإقتصادى الأوراسى، بهدف التكامل فى القضايا الإقتصادية المشتركة بين الدول المنضمة له، وهذا ما تطمح له مصر والرئيس السيسى فى الوقت الحالى.

وإنتهت بالفعل الجولة الرابعة من المفاوضات بين مصر ودول الإتحاد الأوراسى فى العاصمة الروسية موسكو، مع بذل الجانب المصرى جهود هائلة للإنضمام لعضوية الإتحاد الأوراسى. وهو ما لاقى ترحيباً من الجانب الروسى بالأساس، ثم أتت زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا لتعزز قدرة الملف المصرى للإنضمام لعضوية الإتحاد الأوراسى. وهو ما عكسته تلك الإرادة والرغبة القوية لكافة الأطراف لقبول طلب عضوية الجانب المصرى فى الإتحاد الجمركى لدول أوراسيا، والتى تقع فى القلب منها روسيا ثم أرمينيا.

وتأتى زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا كمناسبة هامة، للمضى قدماً نحو إستكمال ملف عضوية الجانب المصرى، ولإستكمال المفاوضات والتوصل إلى إتفاق شامل ومتوازن يلبى طموحات الشعب المصرى و كافة شعوب دول الإتحاد الأورواسى لتنمية التبادل التجارى، وتعزيز التعاون الصناعى والإستثمارى بين أطرافه. بالإضافة إلى تعزيز التقارب بين مصر وكافة أطرافه فى كافة مناحى التعاون الإقتصادى وفتح آفاق التعاون المستقبلى بين جميع الأطراف.

ومن هنا نستنتج بأن تحركات الرئيس السيسى لأرمينيا وأذربيجان كانت محسوبة ومخطط لها بعناية من قبل الجانب المصرى، للدخول فى عضوية تكتل الإتحاد الأوراسى القوى، لإدراك الرئيس السيسى بأن نجاح الإتفاق مع دول الإتحاد الأوراسى الإقتصادى، سيسهم فى تعزيز التعاون التجارى والصناعى والإستثمارى المشترك بين مصر ودول الإتحاد الأوراسى. فضلاً عن أن تلك العضوية المصرية فى تكتل الإتحاد الأوراسى بجوار روسيا وأرمينيا ثم باقى دول الإتحاد السوفيتى السابق، سيدعم منظومة نقل الخبرات والتكنولوجيات الصناعية المتطورة للصناعة الوطنية المصرية فى مختلف القطاعات الإنتاجية، بما يعزز من قدرة وقوة السوق المصرى وينقل خبرات متنوعة ومختلفة إليه.

وهنا يمكننا فهم وتحليل سبب تحركات الرئيس السيسى لتلك المنطقة الأوراسية ممثلة فى أرمينيا وأذربيجان، فضلاً عن تعزيز علاقات مصر مع الجانب الروسى والصينى والهند، لإدراك الرئيس السيسى والجانب المصرى، بأن الإتفاق مع دول الكتلة الأوراسية المشار إليها،، سيدعم التجارة البينية الإقليمية بين مصر ودول وسط وشمال قارتى آسيا وأوروبا عبر وبين دول الإتحاد الأوراسى، ومع أسواق الدول العربية ودول القارة الأفريقية عبر السوق المصرى، وذلك عبر إتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية التى تربط مصر بتلك الأسواق، مع العلم أن حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الإتحاد الأوراسى بعضوية روسيا وأرمينيا فقط، قد بلغ أكثر من ٥ مليار دولار، وتلك النسبة مرشحة للزيادة فى حالة قبول عضوية مصر فى الكتلة الأوراسية والإتحاد الأوراسى بشكل رسمى، وفقاً لما يخطط له الرئيس السيسى ووزارة الصناعة والتجارة فى القاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى