مقال

الدكروري يكتب عن أم قرفة فاطمة الفزارية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أم قرفة فاطمة الفزارية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من القصص الكاذبة التي اشتهرت بين الناس هي قصة أم قرفة الفزارية ، فهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر، وقد اشتهرت قصتها عند أعداء الإسلام، وأصبحوا يطعنون بها في الإسلام، ويتهمونه بالعنف والقسوة، وإن أسانيد هذه القصة كلها ضعيفة لا تصح ، وما ذكر من التمثيل بها وشقها نصفين، ففيه نكارة ظاهرة، فلا يجوز نشر هذه القصة إلا من باب التحذير منها، وقد قيل عن أم قرفه أنها كانت تؤلب الناس على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل في السنة السادسة للهجرة زيدا بن حارثة في سرية فقتلها، إذ ربط رجيلها بحبل ثم ربطهما بين بعيرين حتى شقها شقا، وكانت عجوزا كبيرة، ثم حُمل رأسها إلى المدينة ليُعلم أنها قتلت، وإن كان هناك من يضعف خبر التمثيل بها مع الإقرار بقتلها لكونها امرأة مقاتلة للمسلمين ومرتدة.

وقيل أنها قبل ذلك كانت مسلمة فارتدت في غزوة أحد، وهي والدة أم زمل المعروفة بأم قرفة الصغرى، وقد قالت السيدة عائشة بنت أبي بكر، وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى الرسول ليقاتلوه ويقتلوه، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة فقتلهم وقتل أم قرفة وأرسل بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصبه بالمدينة بين رمحين، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في الغزوة السابعة وهى سرية زيد بن حارثة، إلى ناس من بني فزارة، وكان خرج قبلها في تجارة إلى الشام ومعه بضائع تعود للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه فلما كان دون وادي القرى فخرج عليه ناس من بني فزارة فأخذوا ما معه وسرقوه ونهبوه وضربوه.

وبعد فعلتهم هذه جهزه النبي صلى الله عليه وسلم، إليهم فأوقع بهم وقتل أم وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وهى زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عيينة بن حصن بن حذيفة، وكانت مُعظمة مُطاعة فيهم وتحرضهم على عداوة وقتل المسلمين، وقد ذكر أيضا عن السيدة عائشة رضى الله عنها، أن أم قرفه قد ارتدت عن الإسلام يوم غزوة أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن تُستتاب فإن تابت وإلا قتلت، وقد ضعف رواية تشويه جثة أم قرفة، وفي رواية أخرى أن من فعل ذلك هو خالد بن الوليد وفي رواية ضعيفة قيل أن هذا كان في عهد خلافة أبو بكر الصديق، وهذه الروايات كلها ضعيفة موضوعة وقد كذبها وضعّفها أغلب الائمة والعلماء، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم، فى قتل امرأة يقال لها أم قرفة بربط رجليها.

كل واحدة في حصان ثم زجرالحصانين فشقاها نصفين، فهل هذا الكلام غير صحيح؟ وهل يصح القتل بهذه الطريقة من النبى الكريم الرحمة المهداه صلى الله عليه وسلم؟ وينبغي أن نعلم أولا أنه يجب على المرء أن يبتعد عن الشبهه وخصوصا إذا لم تكن لديه حصانة علمية كافية لردها ودحضها, فقد تقع موقعها في نفسه وتتمكن منه فلا يستطيع ردها, فتشككه في دينه وقد تصده عنه وهي من التفاهة والسقوط بمكان لوعرضت على أهل العلم وأولي الأمر، كما قال الله تعالى فى سورة النساء ” وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لأتبعتم الشيطان إلا قليلا”

وأولئك القوم إنما يتتبعون من الأخبار والآثار ما كان كذلك, وقد يكون واهيا ضعيفا ولا يلتفتون إلى الأصول والقواعد المقررة والأخبار الصحيحة الصريحة ولاغرو، وكذلك فقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد، وينكر الفم طعم الماء من سقم، وإن قصة أم قرفة فاطمة بنت ربيعة بن زيد، التي يدندن حولها كل مشكك لم يكن القاتل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قتلها زيد بن حارثة، ولم يكن قتلها بالطريقة التي ذكرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى