مقال

الدكروري يكتب عن قتال الحجاج وابن الأشعث يوم الزواية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قتال الحجاج وابن الأشعث يوم الزواية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتاب السيرة النبوية الشريفة أنه قتل من أصحاب الحجاج في واقعة دير الجماجم والثورة التي قام بها عبد الرحمن بن الأشعث لسقوط خلافة عبد الملك بن مروان، زياد بن غنم، وكسر بسطام بن مصقلة في أربعة آلاف جفون سيوفهم، واستقتلوا، وكانوا من أصحاب ابن الأشعث، وقد جمع الحجاج بن يوسف، جيوشه وأعاد تنظيمها وقرر الهجوم، على جيوش ابن الأشعث في البصرة، وبالفعل في شهر المحرم سنة اثنين وثمانين من الهجره، اصطدم الجيشان وحمي الوطيس جدا، وقتل الكثير من الفريقين حتى كان الحجاج يجثو على ركبتيه ويقول ” ما كان أكرم مصعب بن الزبير حتى صبر نفسه للقتل” وكان مصدر قوة ابن الأشعث التأييد المعنوي.

من الفقهاء والعلماء والقراء الذين بايعوه على الثورة وانضموا للقتال الفعلي وكانوا أشد الناس في القتال، وكان شعارهم يوم الزاوية “يا تارك الصلاة” لأن الحجاج بن يوسف كان يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، واستمر القتال طوال اليوم حتى حمل أمير الفرسان في جيش الحجاج، سليمان بن الأبرد على ميسرة جيش الثورة فكسرهم، واختلط الناس بعضهم ببعض وفر ابن الأشعث ودخل الكوفة، وظل قائد جيوشه عبد الرحمن بن عياش يقاتل لمدة خمسة أيام متصلة ثم دخل الكوفة ولحق بابن الأشعث، وكان أهل الكوفة قد بايعوا عبد الرحمن بن الأشعث فقوي شأنه مرة أخرى ونظم جيوشه وحفظ الثغور والطرق والمسالك، وحاول الحجاج اختراق الحراسات إلى الكوفة ولكنه لم يفلح، فعسكر بجيوشه في منطقة دير قرة.

ونزل ابن الأشعث وجيوشه في منطقة دير الجماجم ومع ابن الأشعث قرابة المائتي ألف، وظل الجيشان في حالة تربص أمام بعضهما البعض فترة طويلة، وقد طال المقام بين الجيشين واضطرب أمر العراق جدا، وتربص أعداء الإسلام من بلاد ما وراء النهر نتيجة تفرق المسلمين، وهذا الأمر دعا عبد الملك بن مروان لأن يرسل أخاه محمدا وولده عبد الله برسالة للثائرين يقول فيها “إن كان يرضيكم خلع الحجاج عنكم خلعناه، وجعلنا مكانه محمد بن مروان، وأن يكون عبد الرحمن بن الأشعث أميرا على أي بلد يحب”، وكره الحجاج ذلك بشدة وحذر عبد الملك من غدر أهل العراق، وذكره بما جرى لعثمان بن عفان عندما استجاب لرغبات أهل العراق وخلع عنهم سعيد بن العاص.

وكيف أنهم لم يقنعوا بذلك حتى ساروا إليه آخر العام وقتلوه، ولكن عبد الملك يصر على رأيه ويرسل أخاه وولده، فقام عبد الرحمن فيهم خطيبا، وندبهم إلى قبول العرض لما فيه من الخير وحقن الدماء وعزل الحجاج الظالم، ولكن الثوار يرفضون العرض تماما، ويظنون أن عبد الملك لم يعرض ذلك لهم إلا بسبب ضعفه، وكان هذا الرفض يعتبر الغلطة الثانية والأخطر في نفس الوقت لأن العرض الذي قدمه عبد الملك كان عادلا وفيه خير كثير، ورفضه دليل انحراف الحركة من تغيير المنكر وإزالة المظالم إلى طلب الدنيا والمناصب والسلطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى