دين ودنيا

خواطر رمضانيه وقواعد آلاهية

جريدة الاضواء

خواطر رمضانيه وقواعد آلاهية

★اللواء.أ.ح. سامى محمد شلتوت.

•أحببت أن أقدم لكم هذا البحث القصير المتواضع بمناسبة شهر رمضان والصيام . فكلنا يعلم أحكام وسنن الصيام ..
البحث يدور حول شبهات ما يسمى بـ { القرآنيين } حيث يستشهدون بهذه الآية ليبيحوا لأنفسهم الإفطار في رمضان يقول المولى عز وجل
﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾.
ففهمي لهذه الآية هو أن الذي يُطيق { يستطيع } الصيام، ليس ملزَمًا بالصيام ، وله أن يختار بين الصيام أو إطعام مسكين .خلاف ما أجمعت عليه الأمة .

• كعادتهم يُخرجون الآية من سياقها ، ويفسرونها حسب أهوائهم . فلو رجعوا قليلا؛ لقرؤوا قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾.
الله قال ﴿ كُتب عليكم ﴾ ولم يقل (كُتب لكم)، لأن الصيام فيه مشقة و إلزام . يعني أن الله ألزمنا وفرض علينا الصيام ، ولم يتركه إختيارا كما فهمه القرآنيون . وهذا ما يقوله علماء اللغة العربية. مثلها في القرآن ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ ، و ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ ﴾، بمعني ألزم نفسه… هل هذا إختيار أم إلزام ؟ هل نصدق أهل الإختصاص أم الذين لا يفرقون بين الفعل والفاعل؟

• من جهة أخرى، فإن اللغة العربية أوسع مما يظنون. فكلمة { يُطِيقُونَهُ } قد تأتي من فعل “أطاق” بدل “طاق”. كلمة “أطاق” من “الإطاقة” وتعني عكس “طاق”، ولهذا تسمى الهمزة (أ) سالبة للمعنى ، وتعني في الآية أعلاه عدم تحمل الصيام. وبالتالي فإن الآية ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ تعني وعلى الذين لا يستطيعون الصيام ، فدية…
ولقد قال بهذا القول حتى الإمام “محمد عبده” الذي يُعتبر من المجددين (التنويريين). فما بال هؤلاء يخالفون حتى إمامهم.

• بالإضافة إلى هذا، فإن الآية المذكورة أعلاه قد نُسخت بآية ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ حيث جاءت لأم الأمر لتدل على الوجوب وذلك في إطار التدرج في الأحكام . والتدرج منهج قرآني كما هو الشأن في الخمر والميسر والميراث ، لأن الوحي نزل في مدة ثلاثة وعشرون سنة.

• الدليل الرابع على دحض حجة القرآنيين هو أن بعض المفسرين قالوا أن ( الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) تعني (الَّذِينَ لا يُطِيقُونَهُ). عندما يسمع القرآني هذا التفسير؛ يُجَنّ جنونه ويقول: من أين أتيتم بـ “لا”؟… لا غرابة في هذا، لأن الجاهل لا يفقه هذه الأمور. أجزم أن “أبا جهل” وغيره من العرب القحاح، لو سمعوا بهذا التفسير لقبلوه بالسليقة ، لأن السياق يتطلب هذا. ويعجبني هنا الأستاذ “سعد الدين الهلالي” وهو يتحدث عن سورة الكهف ﴿أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَٰكِينَ يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾.
يقول{ إذا كان الملك يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ سواء كانت صالحة أو غير صالحة، فلماذا خرق “الخضر” السفينة (فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا). إذاً، فالمعنى “وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ (صالحة)”. أضاف كلمة “صالحة” لأن المعنى إقتضى هذا واللغة العربية تقبله}.

هذا هو الفرق بين أهل العلم العالمين بأصول اللغة العربية والجهل بها…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى