غير مصنف

 أول خليفة عباسي يلعب الشطرنج

جريدة الأضواء

 أول خليفة عباسي يلعب الشطرنج

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير عن الخليفة هارون الرشيد، وهو الخليفة العباسي الخامس، وهو أشهر الخلفاء العباسيين، وقيل عنه أنه كان من أمير الخلفاء واجل ملوك الدنيا وكان كثير الغزو والحج، وكان أبيض طويلا جميلا مليحا فصيحا، وكان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم فلم يري خلفة يعطي اكثر منه، وكان يبكي على نفسه وعلى إسرافه وذنوبه سيما إذا وعظ وكان يحب المديح ويجيز عليه الأموال الجزيلة، وكان له نظر في العلم والأدب، وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام، ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص، وهو أول خليفة لعب بالصوالجة. 

والكرة ورمى النشاب في البرجاس وأول خليفة لعب بالشطرنج من بني العباس، وكان أول من جعل للمغنين مراتب وطبقات، وقد تمت البيعة للرشيد بالخلافة في الرابع عشر ربيع الأول عام مائه وسبعين من الهجره، وذلك بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف تمتد من وسط أسيا حتى المحيط الأطلنطي، وكانت معرضة لظهور الفتن والثورات، وكانت تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلا لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة، ولولم تكن الفترة التي قضاها الرشيد في خلافة الدولة العباسية هادئة ناعمة.

وإنما كانت مليئة بجلائل الأعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد بالمنصرف إلى اللهو واللعب المنشغل عن دولته العظيمة إلى المتع والملذات، وإنما كان يحج سنة ويغزو كذلك سنة، وقد واستهل الرشيد عهده بأن قلد يحيى بن خالد البرمكي، الوزارة، وكان من أكفأ الرجال وأمهرهم، وفوّض إليه أمور دولته، فنهض بأعباء الدولة، وضاعف من ماليتها، وبلغت أموال الخراج الذروة، وكان أعلى ما عرفته الدولة الإسلامية من خراج، وقد قدره بعض المؤرخين بنحو ربعمائة مليون درهم، وكان يدخل خزينة الدولة بعد أن تقضي جميع الأقاليم الإسلامية حاجتها، وكانت هذه الأموال تحصل بطريقة شرعية، لا ظلم فيها ولا اعتداء على الحقوق، بعد أن وضع القاضي أبو يوسف. 

نظاما شاملا للخراج باعتباره واحدا من أهم موارد الدولة، يتفق مع مبادئ الشرع الحنيف، وذلك في كتابه الخراج، وكان الرشيد حين تولى الخلافة يرغب في تخفيف بعض الأعباء المالية عن الرعية، وإقامة العدل، ورد المظالم، فوضع له أبو يوسف هذا الكتاب استجابة لرغبته، وكان لهذا الفائض المالي أثره في انتعاش الحياة الاقتصادية، وزيادة العمران، وازدهار العلوم، والفنون، وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية، وأُنفقت هذه الأموال في النهوض بالدولة، وتنافس كبار رجال الدولة في إقامة المشروعات كحفر الترع و الأنهار، وبناء الحياض، وتشييد المساجد، وإقامة القصور، وتعبيد الطرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى