غير مصنف

أبو عامر الراهب في احد

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة عن غزوة أحد الكثير والكثير، وقيل أنه بعد الغستعداد التام من جيش المسلمين ووقوف الرماة علي جبل الرماة، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصفوف فسوّاها ، ووضع أشداء المؤمنين في مقدمتهم ، وقال صلى الله عليه وسلم “لا يُقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال” وفي هذه الأثناء حاول أبو سفيان أن يُحدث شرخا في صفوف المؤمنين، فعمد إلى الأنصار قائلا ” خلوا بيننا وبين ابن عمّنا، فننصرف عنكم، ولا حاجة لنا بقتالكم ” فقبّحوا كلامه وردوا عليه بما يكره، فجاء رجل يُقال له أبو عامر الراهب، من أهل المدينة، فأراد أن يثنيهم عن حرب قريش فقال” يا معشر الأوس، أنا أبو عامر فقالوا له فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق، فلما سمعهم قال” لقد أصاب قومي بعدى شر ” 

وبدأت المعركة بمبارزة فريدة تبعها التحام بين الصفوف، واشتد القتال، وحمي الوطيس، وكان شعار المسلمين يومئذ أمِت أمِت، وأخذ النبى صلى الله عليه وسلم سيفا له وقال ” من يأخذ هذا السيف ؟” فبسطوا أيديهم يريدون أخذه، فقال “من يأخذه بحقه ؟” فأحجم القوم، فقال أبو دجانة رضي الله عنه أنا آخذه يا رسول الله بحقه، فما حقه ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم له “أن لا تقتل به مسلما، ولا تفرّ به عن كافر” فدفعه إليه، فربط على عينيه بعصابة حمراء ويجعل يمشي بين الصفين مختالا في مشيته، قائلا ” أنا الذي عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل، ألا أقوم الدهر في الكيول أضرب بسيف الله والرسول، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع” 

ويقول رواة السيرة ” فأخذ السيف فجعل يقتل به المشركين حتى انحنى ” وبدأت ملامح النصر تظهر من خلال المواقف البطولية التي أظهرها المسلمون واستبسالهم في القتال، ومع تقهقر قريش وفرارهم أول الأمر، ظن الرماة انتهاء المعركة ورأوا ما خلفته من غنائم كثيرة فتحركت نفوسهم طمعا في نيل نصيبهم منها، فتنادوا قائلين” الغنيمةَ أيها القوم، الغنيمةَ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟ فقال أميرهم عبد الله بن جبير، أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلتفتوا إليه وقالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فغادروا أماكنهم متجهين صوب الوادي، ووجد خالد بن الوليد في ذلك فرصة سانحة كي يدير دفة المعركة لصالح المشركين، وبالفعل انطلق مع مجموعة من الفرسانز 

ليلتفوا حول المسلمين ويحيطوا بهم من كلا الطرفين، ففوجئ المسلمون بمحاصرتهم، واستحر القتل فيهم، وفرّ منهم من فرّ، وتساقط الكثير منهم جرحى، وفي هذه الأثناء انقطع الاتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في المشركين رجل يقال له ابن قمئة، عَمد إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه فأجهز عليه، وشبه مصعبا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فجعل الرجل يصيح” قد قتلت محمدا” وسرت هذه الإشاعة بين الناس سريعا، فتفرق المسلمون، وقعد بعضهم عن القتال وقد أذهلتهم المفاجأة، في حين استطاع الآخرون أن يثوبوا إلى رشدهم، ويطلبوا الموت على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى