مقال

الدكروري يكتب عن الشاعر أبو حفص شرف الدين

الدكروري يكتب عن الشاعر أبو حفص شرف الدين

الدكروري يكتب عن الشاعر أبو حفص شرف الدين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلام وكتب السير الكثير والكثير عن العلماء والفقهاء في الإسلام وعن أئمة المسلمين وعن الشعراء والأدباء والذي كان من بينهم سلطان العاشقين ابن الفارض وهو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، ويعد واحدا من أشهر شعراء التصوف، لذلك كرس معظم شعره في العشق الإلهي، فكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بسلطان العاشقين، والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقا إلى مصر، ومما تجدر الإشارة له أنه يُكنى بابن الفارض، لأن أباه كان يعمل فارضا، والفارض هو من يثب الفروض للنساء على الرجال، وينتمي في أصله إلى أسرة حموية، لذلك كان لأصله هذا أهمية كبيرة في طبعه.

 

فأهل الشام معروف عنهم رقة الطبع في الأدب القديم، والشغف بصور الجمال، بالإضافة إلى نزعتهم الغزلية اللينة ويندر مثلها في مصر والعراق، وهذا كله كان استيحاء للشعر الذي نتج من شعراء الشام، حيث كان يتميز بالمعاني الحسية والوجدانية، والحق يقال بأن شخصية ابن الفارض انفردت بين شعراء مصر فاشترك في تكوينها بقاع ثلاث، أولها الشام في أصله، وثانيها الحجاز وحنينه إليه وثالثها مصر التي فيها مقامه، فهو شاعر الشام والحجاز ومصر، ولقد كانت ولادة عمر بن الفارض في الرابع من شهر ذي القعدة سنة خمسمائة وست وسبعين من الهجرة، الموافق عام ألف ومائة وواحد وثمانين من الميلاد، في القاهرة التي توفي بها أيضا في اليوم الثاني من جمادى الأولى من سنة ستمائة واثنين وثلاثين من الهجرة.

 

ولما شب اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر، ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد، ورحل إلى مكة في غير أشهر الحج، واعتزل في وادي بعيد عنها، وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في الحب الإلهي، حتى عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عاما، ولقد كان ابن الفارض شاعرا رقيقا في نفسه ودقيقا في حسه، مرهف الشعور، يحب بكامل العواطف الموجودة في قلبه، ولعل هذه العاطفة الكبيرة سيطرت على جميع حياته مما جعلها تبرز في جميع أشعاره الفلسفية، المتصلة بما يسمى بوحدة الوجود، فقال عنه جبران خليل جبران”لم يتناول من مجريات يومه كما فعل المتنبي، ولم تشغله معميات الحياة وأسرارها كما شغلت المعري، بل كان يغمض عينيه عن الدنيا ليرى ما وراء الدنيا.

 

ويغلق أذنه عن ضجة الأرض ليسمع أغاني اللانهاية” وقضى ابن الفارض نحو خمسة عشر سنة من عمره في عزلة عن الناس بعد أن سافر لمكة لتأدية فريضة الحج، ثم قرر الاعتزال في وادي بعيد عن الناس، وكانت تلك العزلة هي المنبع الذي فاضت منه معظم أشعاره، حيث أتاحت له تأمل أحوال نفسه والغوص في الخيال البعيد وأسرار الملكوت وبعد أن أنهى عزلته، عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عاما، فأقام بقاعة الخطابة بالجامع الأزهر، فقصده الناس بالزيارة، ومعهم بعض كبار الدولة مما أجله في أعين العامة والخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى