غير مصنف

الحوار الوطني كيف يحل مشكلة الثقافة في مصر؟

جريدة الأضواء

متابعة/ محمد سعد
صالون سوا
بحضور ا/ محمد جمال الدين روائي وكاتب قصة، ا/ احمد قرني روائي وكاتب للطفل، ا/ احمد طوسون روائي وكاتب للطفل
والدكتورة/ مرفت عبد العظيم عضو مجلس النواب
الحوار عن تطوير الثقافة والابداع في الشارع المصري والحفاظ على الثقافة المصرية
قلت مرارا وتكرارا إن المشكلة الأكثر صعوبة في مصر هي الثقافة‏,‏ فلا تقدم
ولا تنمية
ولا دولة مدنية حديثة دون ثقافة تدعمها وتشجع عليها‏.‏

ولا أعني بالثقافة مجال عمل وزارة الثقافة
أو ما يتصل بها من الفنون وأشكال الإبداع,
فهذا الجانب من الثقافة بخير نسبيا,
ومهما كانت ملاحظاتنا عليه إيجابا أو سلبا,
فهو قائم وفاعل وله دوره الحيوي في تشكيل القوة الناعمة لمصر
. وما أعنيه-
في هذا المجال-
هو الثقافة بمعناها العام الذي يجعلها شاملة لكل أشكال الوعي الاجتماعي والسياسي
والأخلاقي,
وما يرتبط بهذا الوعي من أشكال السلوك والعادات والأعراف والتقاليد.

وأعتقد أن أولي كوارث مصر تكمن في أن الثقافة الغالبة
علي عقول الملايين من أبنائها هي ثقافة تخلف بكل معني الكلمة
, يصح ذلك علي الثقافة الدينية من حيث سيطرة معتقدات فاسدة, وتأويلات متعسفة لا تعرف معني للتسامح
أو الاجتهاد
أو حرية الاختلاف في فهم النصوص الدينية
وينطبق الأمر علي الثقافة السياسية,
حيث تشيع سيطرة خطاب الاستبداد الاستبدادية.
ولذلك لا نزال بعيدين عن ثقافة الدولة المدنية التي تعتمد علي الحوار الديموقراطي
وتقبل الاختلاف
والتعدد والتنوع
بوصفه حقا من حقوق الحياة والأحياء.
ولذلك لا تزال طبائع الاستبداد باقية في النفوس,
, أننا نتحدث عن الديمقراطية
وحق الاختلاف,
ولكن إذا اختلف واحد من مثقفينا مع غيره;
فالاتهامات جاهزة,
والعنف محتمل لغويا علي الأقل,
وإذا نزلنا إلي عامة الشعب
, وجدنا طبائع الاستبداد متغلغلة في اللاشعور الجمعي,
وعلي نحو يحاكي فيه المقموع صفات القامع.
والنتيجة غياب ثقافة المواطنة التي تعني تسليمك لغيرك بكل ما لك من حقوق
وما عليك من واجبات.

ويصح ذلك علي الوعي الاجتماعي الذي تقادمت عليه أمراض التمييز الاجتماعي
التي تضع الناس في طبقات بحكم الثروة
والنوع
والدين,
فإلي اليوم, لانزال نتصور الكبير أحكم وأعقل من الصغير علي الإطلاق,
والرجل أفضل من المرأة المهدرة الحقوق
, أما الأطفال فهوانهم يتزايد بهوان منزلتهم الاجتماعية,
فتغدو النظرة الاجتماعية إليهم قرينة الاحتقار
والازدراء,
وطبيعي- والأمر كذلك-
أن يسود العنف في العلاقة بين الطبقات
, والعنف في العلاقة بكل ما يرتبط بالدولة.
وتغيير ثقافة المجتمع هو المدخل إلي ما نرجوه من مستقبل,
فيقيني الذي لا أزال عليه هو أنه لا مستقبل للدولة المدنية في مصر
, بل لا مستقبل لمصر كلها
, وثقافة الناس علي ما هي عليه من تخلف.

إن مصر يصل تعداد سكانها إلي ما يقارب مائة وعشرون مليون مواطن ومواطنة, نسبة الأمية فيهم تصل إلي40% أو تزيد,
والحياة تحت خط الفقر تصل إلي هذه النسبة أو تزيد.
والتسرب من التعليم الأولي يتزايد ولا يتناقص,
أي إن معدلات الأمية المقرونة بالفقر تتزايد,
وذلك بالقدر الذي تتزايد به العشوائيات التي تفرخ الفقر والجريمة.
ويعني ذلك أننا نتحدث عن ما يزيد علي اربعون مليون مواطن مصري يعانون من الأمية( الجهل)
ووحشية الفقر. وبقدر ما يتحول الجهل
إلي عامل فعال يعين مشايخ التطرف والإرهاب علي حشو أذهان الجهلاء
بالخزعبلات
وأفكار التعصب الديني
والتشدد
الذي لا محل له في دين سمح,
فإن الفقر يورث أصحابه أخلاق العنف
ونزعات الحقد علي الأغنياء والأثرياء وأصحاب الملايين.
ويعني ذلك أنه لا ضمان حقيقيا لأي كلام عن الديموقراطية
أو حتي عن الدستور.
ودع عنك الدولة المدنية الحديثة, وسط أناس لا يجدون قوت يومهم إلا بشق الأنفس إن وجدوا,
وليس لديهم من يتمكن من النفاذ إلي عقولهم سوي أجهل الجهلاء في أمور الدين,
أو من يعمل لنشر أفكار التطرف الديني المقترنة بالعنف
الذي تقوي دوافع وحشيته السلوكية بقوة حدة الفقر.

هل الحل هو التعليم والقضاء علي الأمية؟
ممكن. لكن كيف يتحقق هذا ونحن لا نملك مشروعا قوميا فاعلا للقضاء علي الأمية بين الكبار,
ولا تعليما متاحا للصغار, في قري يسيرون أميالا إلي أن يصلوا إلي وأسمع عن مدارس يجلس في كل فصل منها ما يزيد علي خمسون تلميذ.
وحتي عندما يصل الطلاب الصغار إلي المدرسة
, فكم نسبة الذين يواصلون التعليم منهم حتي مراحله الأخيرة؟!
ولذلك تظل الأمية باقية كالجهل الذي يستأصل السماحة والرضا, ويحيل الحياة إلي عنف وقتال ووحشية,
., وهذا كله نتاج ثقافة كارثية لا نزال نعيشها, ولا نفكر في إيجاد حلول جذرية لها.
نتمنى الحوار الوطني يجد حل لمشكلة الثقافة
فرصة عظيمة أعطاها الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحوار الوطني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى